كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 11)

كما في "الخازن" {أُولُو الطَّوْلِ} والطول: بالفتح، الغنى والثروة، وقد يراد به الفضل والمنة، من طال عليه طولًا، {وَقَالُوا ذَرْنَا} أي: دعنا واتركنا، تقول: ذره؛ أي: دعه وهو يذره؛ أي: يدعه، ولا يقال منه: وذر، ولا واذر، ولكنه تركه، وهو تارك؛ لأنه من الأفعال التي ليس لها مصدر ولا ماض، ولا اسم فاعل.
{رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ} رضوا أصله: رضيوا، بوزن فرحوا، استثقلت الضمة على الياء، ثم نقلت إلى ما قبلها، فالتقى ساكنان، ثم حذفت الياء، فصار رضوا، بوزن فعوا و {الْخَوَالِفِ} جمع خالفة من صفة النساء، وهذه صفة ذم، وقال النحاس: يجوز أن تكون الخوالف من صفة الرجال، بمعنى: أنها جمع خالفة، يقال: رجل خالفة؛ أي: لا خير فيه، فعلى هذا، يكون جمعًا للذكور باعتبار لفظه، وقال بعضهم: إنه جمع خالف، يقال: رجل خالف؛ أي: لا خير فيه، وهذا مردود، فإن فواعل لا يكون جمعًا لفاعل وصفًا لعاقل إلا ما شد، من نحو: فوارس ونواكس، وهوالك اهـ "سمين".
{وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ}: وهي جمع خير، فيشمل منافع الدنيا والدين، وقيل: المراد به: النساء الحسان، كقوله تعالى: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70)} ومفرده خيرة بالتشديد، ثم خفف مثل: هيئة وهينة {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ} جمع معذر، من عذر في الأمر، إذا قصر فيه وتوانى ولم يجد، وهو يوهم أن له عذرًا فيما يفعل ولا عذر له، وقد يكون أصله المعتذرون، من اعتذر، والمعتذر إما صادق أو كاذب، وقال أبو حيان: قرأ الجمهور: {الْمُعَذِّرُونَ} بفتح العين وتشديد الذال، فاحتمل وزنين:
أحدهما: أن يكون فعَّل، بتضعيف العين، ومعناه: تكلف العذر ولا عذر له، والثاني: أن يكون وزنه افتعل، وأصله اعتذر، كاختصم، فأدغمت التاء في الذال، ونقلت حركتها إلى العين، فذهبت ألف الوصل، ويؤيِّده قراءة سعيد بن جبير: {الْمُعَذِّرُونَ} بالتاء، من اعتذر. ومن ذهب إلى أن وزنه افتعل الأخفش والفراء وأبو عبيد وأبو حاتم والزجاج وابن الأنباري {مِنَ الْأَعْرَابِ} بفتح

الصفحة 409