كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 11)

الهمزة: سكان البوادي الناطقون بالعربية، والعربي: من نطق بالعربية مطلقًا، سكن البوادي أم لا، فهو أعم من الأعراب، وبكسرها مصدر أعرب الكلام، إذا بين، ويطلق على المعنى المصطلح عند النحاة {كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} أي أظهروا الإيمان بهما كذبًا، يقال: كذبته نفسه، إذا حدثته بالأماني والأوهام التي لا يبلغها، وكذبته عينه إذا أرته ما لا حقيقةً له {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ} جمع ضعيف كشرفاء جمع شريف، وهو الهرم ومن خلق في أصل البنية شديد النحافة والضؤولة، بحيث لا يمكنه الجهاد {وَلَا عَلَى الْمَرْضَى}: جمع مريض كجريح وجرحى، والمريض: من عرض له المرض، أو كان زمنًا، ويدخل فيه العمى والعرج {وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ} هم الفقراء {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ} يقال: حمله على البعير أو غيره، إذا أركبه إياه، أو أعطاه إياه ليركبه، وكأنَّ الطالب لظهر يركبه، يقول: لمن يطلب منه: احملني {وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ}؛ أي: تفيض فيضًا، مبتدأ من الدمع، أي: من كثرته وفي "البيضاوي" تفيض من الدمع، أي: يفيض دمعها، فإن {من} البيانية مع مجرورها، في محل نصب على التمييز المحول عن الفاعل، يقال: فاض يفيض فيضًا، إذا انصبَّ عن امتلاءٍ، والدمع ماء العين الملح الحار.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التكرار في قوله: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ} وفي قوله: {وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وفي قوله: ({وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ} الآية.
ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {مَعَ الْخَوَالِفِ}؛ لأن الخوالف حقيقة في الأعمدة التي في أواخر بيوت الحيِّ مجاز في النساء، شبه النساء لكثرة لزومهن البيوت بالخوالف؛ أي: بالأعمدة التي تكون في البيوت، على طريقة الاستعارة التصريحية الأصلية، وقال الآلوسي: الخوالف: النساء المقيمات في دار الحي، بعد رحيل الرجال، ففيه استعارة، وإنما سمي النساء خوالف، تشبيهًا

الصفحة 410