كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 12)

الشيء إذا عزم عليه ونواه. قال الشاعر:
أَجْمَعُوْا أَمْرَهُمْ بِلَيْلٍ فَلَمَّا ... أَصْبَحُوْا أصْبَحَتْ لَهُمْ ضَوْضَاءُ
وقال أبو فيد السدوسي أجمعت الأمر أفصح من أجمعت عليه. وقال أبو الهيثم: أجمع أمره جعله مجموعًا بعد ما كان متفرقًا. وعلى هذه القراءة يكون {وشركاءكم} معطوفًا على أمركم على حذف مضاف؛ أي: وأمر شركائكم أو منصوبًا بإضمار فعل؛ أي: وادعوا {وشركاءكم}. وقال أبو علي: وقد ينصب الشركاء بواو المعية. وقرأ الزهري والأعمش والجحدري وأبو رجاء والأعرج والأصمعي، عن نافع ويعقوب بخلاف عنه: {فاجمعوا} بوصل الألف وفتح الميم من جمع الثلاثي يجمع جمعًا، {وشركاءكم} عطف على أمركم؛ لأنه يقال: جمعت شركائي أو على أنه مفعول معه، أو على حذف مضاف أي: ذوي الأمر منكم فجرى على المضاف إليه ما جرى على المضاف لو ثبت، قاله أبو علي. وفي كتاب "اللوامح": أجمعت؛ أي: جعلته جميعًا وجعلت الأموال جميعًا، فكان الإجماع في الأحداث والجمع في الأعيان وقد يستعمل كل واحد مكان الآخر، وفي التنزيل فجمع كيده. انتهى.
وقرأ (¬1) أبو عبد الرحمن والحسن وابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر وسلام ويعقوب فيما روي عنه: {وشركاؤكم} بالرفع ووجه بأنه عطفه على الضمير في {فأجمعوا} وقد حصل الفصل بالمفعول فحسن، أو على أنه مبتدأ محذوف الخبر، لدلالة ما قبله عليه؛ أي: وشركاؤكم فليجمعوا أمرهم. وقرأت فرقة: وشركائكم بالخفض عطفًا على الضمير في أمركم؛ أي: وأمر شركائكم فحذف كقول الآخر:
أكُلَّ امْرِىءٍ تَحْسَبِيْنَ امْرَأً ... وَنَارٍ تَوَقَّدُ بِاللَّيْلِ نَارَا
أي: وكل نار فحذف كل لدلالة ما قبله عليه. وقرأ السري بن ينعم؛ ثم أفضوا بالفاء وقطع الهمزة؛ أي: انتهوا إليَّ بشركم من أفضى بكذا: انتهى إليه.
¬__________
(¬1) البحر المحيط.

الصفحة 316