كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 12)

نَحْنُ بَنُوْ عَدْنَانَ لَيْسَ شَكُّ ... تَبَوَّأ الْمَجْدُ بِنَا وَالْمُلْكُ
{قِبْلَةً} والقبلة ما يقابل الإنسان ويكون تلقاء وجهه، ومنه قبلة الصلاة؛ لأن المصلي يقابلها، وهي تقابله.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة، وضروبًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الإسناد المجازي في قوله: {إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي}؛ لأن حق الإسناد أن يكون للذات نظير ثقل عليّ ظله، كما في "الصاوي".
ومنها: تقديم المعمول على عامله لإفادة الحصر في قوله: {فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ}.
ومنها: الاعتراض بين الشرط وجوابه بقوله: {فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ} إن قلنا الجواب جملة {فأجمعوا} كما قاله الأكثرون.
ومنها: الاستعارة المكنية في قوله: {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ} إذا كان من قضى دينه إذا أداه، فالهلاك مشبه بالدين على طريقة الاستعارة المكنية والقضاء تخييل، أو فيه تضمين واستعارة مكنية إذا كان من قضى، بمعنى حكم، والتقدير: احكموا بما تؤدونه إليّ.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: {وَلَا تُنْظِرُونِ}؛ لأن الإنظار حقيقة في إمهال دين المعسر، مجاز في تأخير الإهلاك.
ومنها: تأخير الإغراق عن ذكر الإنجاء والاستخلاف في قوله: {فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} لإظهار كمال العناية بشأن المقدم، ولتعجيل المسرة للسامعين وللإيذان بسبق الرحمة، التي هي من مقتضيات الربوبية على الغضب، الذي هو من مستتبعات جرائم المجرمين، ذكره "أبو السعود".

الصفحة 340