كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 12)

منافق مرتاب، يبتغي بأعماله الضرر والضرار وتقوية أعمال الكفر وموالاة الكفار وتفريق جماعة المؤمنين، والإرصاد، لمساعدة من حارب الله ورسوله، مع ما يكون لعمله في الدنيا من العار والفضيحة والخزي والبوار، وفي الآخرة من الانهيار في النار.
وخلاصة المثل (¬1): بيان ثبات الإِسلام وقوته وسعادة أهله به، وثمرته في أعمالهم وجزائهم عليه برضوان الله عنهم، وبيان ضعف الباطل واضمحلاله ووهيه، وقرب زواله وخيبة صاحبه، وسرعة انقطاع آماله، وبيان أن شر أعمال المنافقين ما اتخذوه من مسجد الضرار لمفاسده الأربع المتقدمة.
فالإيمان وما يلزمه من صالح العمل هو الثابت، والنفاق وما يستلزمه من فاسد العمل هو الباطل الزاهق، بحكم ناموس الاجتماع وبقاء الأصلح في الوجود، وقد صدق الله وعده وثبت المؤمنين بالقول الثابت. وهداهم إلى العمل الصالح، ففتحوا البلاد وأقاموا سبل الحق والعدل، وأهلك المنافقين، وقد جرت سنّته في كل زمان ومكان أن يكون الفوز حليف أهل الحق، والخيبة لأهل الباطل ما استمسكوا به ولم يقلعوا عنه. {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى، {لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} أنفسهم بالنفاق وغيرهم بالأضرار؛ أي: لا يوفقهم ما فيه صلاحهم ونجاتهم، ولا يغفر لهم ولا ينجيهم؛ أي: مضت سنّته تعالى أن لا يكون الظالم مهتديًا في أعماله إلى الحق والعدل، ولا إلى الرحمة والفضل.
وقرأ (¬2) نافع وابن عامر: {أسس بنيانه}، مبنيًّا للمفعول في الموضعين، وقرأ باقي السبعة وجماعة: ذلك مبنيًّا للفاعل، وبنصب بنيانه. وقرأ عمارة بن عائذ: الأولى على بناء الفعل للمفعول، والثانية على بنائه للفاعل. وقرأ نصر بن علي، ورويت عن نصر بن عاصم: {أسس بنيانه}، وعن نصر بن علي، وأبي حيوة، ونصر بن عاصم أيضًا، {أساس بنيانه}، بالألف جمع أس، وعن نصر بن عاصم: {أسس}، بهمزة مفتوحة وسين مضمومة. وقرىء: {إساس} بالكسر،
¬__________
(¬1) المراغي.
(¬2) البحر المحيط.

الصفحة 58