كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 14)

سبعيتان، ويجريان في خمس مواضع من القرآن هذا، وقوله في سورة "الأنبياء": {أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} وقوله في "العنكبوت": {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ}، وقوله في "سبأ": {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} وقوله في سورة "الزمر": {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ}. اهـ. "شيخنا".
{وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ}؛ أي: وتصدقوا بعض ما أعطيناكم من الرزق والعطاء، وأدوا الزكاة الواجبة شكرًا له على نعمه الجزيلة، ورأفةً بعباده الفقراء، وسدًّا لخلتهم، وإيجادًا للتضامن والتعاون بين الأخوة في الدين {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}. {سِرًّا}؛ أي: خفية {وَعَلَانِيَةً}؛ أي: جهرًا؛ أي: أنفقوها إنفاق سر وخفية في صدقة التطوع، وإنفاق جهر وعلانية في صدقة الواجب. قيل: أراد (¬1) بهذا الإنفاق إخراج الزكاة الواجبة، وقيل: أراد به جميع الإنفاق في جميع وجوه الخير والبر، وحمله على العموم أولى؛ ليدخل فيه إخراج الزكاة والإنفاق في جميع وجوه البر، والمراد: حث المؤمنين على الشكر لنعم الله تعالى بالعبادة البدنية والمالية، وعلى ترك التمتع بمتاع الدنيا، كما هو صنيع الكفرة، وإنما خصهم (¬2) بالإضافة تنويهًا لهم وتنبيهًا على أنهم المقيمون لحقوق العبودية. وهذان الفعلان (¬3): إما مجزومان في جواب أمر محذوف؛ أي: قل لهم أقيموا الصلاة، فإن قلت لهم ذلك .. يقيموا الصلاة، أو مجزومان بلام أمرٍ مقدر؛ أي: ليقيموا الصلاة؛ أي: الواجبة.
قوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ} قال في "الإرشاد": الظاهر أن {مِنْ} متعلقة بـ {يُنْفِقُوا} {يَوْمٌ} هو يوم القيامة {لَا بَيْعٌ فِيهِ} فيبتاع المقصر ما يتلافى تقصيره به، وتخصيص (¬4) البيع بالذكر؛ لاستلزام نفيه نفي الشراء {وَلَا خِلَالٌ} فيه؛ أي: ولا مخالة وصداقة فيه، فيشفع له خليل، والمراد بالمخالة المنفية: المخالة بسبب
¬__________
(¬1) الخازن.
(¬2) البيضاوي.
(¬3) المراح.
(¬4) روح البيان.

الصفحة 408