كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 14)

ذلك حجة على إعمال فعيل الذي للمبالغة في المفعول على ما ذهب إليه سيبويه. وقد خالف في ذلك جمهور البصريين، وخالف الكوفيون فيه، وفي إعمال باقي الخمسة الأمثلة فعول وفعال ومفعال وفعل، وهذا مذكور في علم النحو، ويمكن أن يقال في هذا: ليس ذلك إضافة من نصب، فيلزم جواز إعماله، بل هي إضافة كإضافة اسم الفاعل في نحو: هذا ضارب زيد أمس.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاستفهام التعجبي في قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا} فإنه تعجيب (¬1) لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكل أحد مما صنع الكفرة من الأباطيل التي لا تكاد تصدر عمن له أدنى إدراك.
ومنها: المجاز بالحذف في قوله: {نِعْمَتَ اللَّهِ}؛ أي: شكر نعمة الله.
ومنها: المجاز العقلي في قوله: {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ} لما فيه من الإسناد إلى السبب؛ لأنه أسند (¬2) الإحلال وهو فعل الله إلى أكابرهم؛ لأن سببه كفرهم وسبب كفرهم أمر أكابرهم إياهم بالكفر.
ومنها: الاستعارة التبعية في قوله: {لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ}؛ لأنه ليس الإضلال غرضًا حقيقيًّا لهم من اتخاذ الأنداد، ولكن لما كان نتيجة له كما كان الإكرام في قولك: جئتك لتكرمني نتيجة المجيء، شبه بالغرض وأدخل اللام عليه بطريق الاستعارة التبعية، ونسب الإضلال الذي هو فعل الله تعالى إليهم؛ لأنهم سبب الضلالة حيث يأمرون بها ويدعون إليها.
ومنها: التهديد والوعيد لأولئك الضالين المضلين في قوله: {قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ}.
¬__________
(¬1) أبو السعود.
(¬2) روح البيان.

الصفحة 439