كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 14)

يقال: سربلته إذا ألبسته السربال.
{مِنْ قَطِرَانٍ} والقطران؛ دهن يتحلب من شجر الأبهل والعرعر والتوت، كالزفت تدهن به الإبل إذا جربت وهو الهنأ: يقال: هنأت البعير أهنؤه بالهنأ إذا طلبته بالهنأ؛ وهو أسود اللون منتن الريح. وفي "السمين": القطران: ما يستخرج من شجر فيطبخ ويطلى به الإبل الجرب؛ ليذهب جربها لحدته، وفيه لغات {قطران} - بفتح القاف وكسر الطاء - وهي قراءة العامة المتواترة، {قَطْران} بزنة سكران، وبها قرأ عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما. و {قِطْران} - بكسر القاف وسكون الطاء - بزنة سرحان، ولم يقرأ بها فيما علمت. وقرأ جماعة {من قطر} - بفتح القاف وكسر الطاء وتنوين الراء (آن) بوزن عان، وجعلوها كلمتين كما مر في مبحث القراءة وقد مر أيضًا أن هذه القراءات شاذة عدا قراءة الجمهور {قَطِران}.
{وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ}؛ أي: تعلوها وتحيط بها.
{هَذَا بَلَاغٌ} والبلاغ: اسم مصدر لبلغ تبليغًا، فهو بمعنى اسم الفاعل؛ أي: مبلغ للناس إلى مراتب السعادة.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآية ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التهديد في قوله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}.
ومنها: التشبيه البليغ في قوله: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} حذف منه أداة التشبيه ووجه الشبه، والأصل: وأفئدتهم كالهواء، لفراغها من جميع الأشياء، فصار التشبيه بليغًا.
ومنها: الإيجاز بالحذف في قوله: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} حذف منه والسماوات تبدل غير السماوات لدلالة ما سبق عليه.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: {مَكَرُوا مَكْرَهُمْ}.
ومنها: الاستعارة التصريحية الأصلية، حيث شبه شرائع الإِسلام ومعجزات

الصفحة 466