كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 15)

كيد إبليس، فلا يؤثر فيه تزييني، وقرأ باقي السبعة والجمهور بكسرها، في كل القرآن؛ أي: إلا من أخلص العمل لله، ولم يشرك فيه غيره ولا رأى به؛ أي: الذين أخلصوا دينهم عن كل شائب يناقض التوحيد، قال أحمد ابن حنبل - رحمه الله تعالى -: أعداؤك أربعة:

1 - الدنيا، وسلاحها لقاء الخلق وسجنها العزلة.

2 - والشيطان، وسلاحه الشبع وسجنه الجوع.

3 - والنفس، وسلاحها النوم وسجنها السهر.

4 - والهوى، وسلاحه الكلام وسجنه الصمت.

41 - قال الله تعالى لإبليس: {هَذَا} الإخلاص الذي يكون في عبادي {صِرَاطٌ}؛ أي: طريق {عَلَيَّ} مراعاته وحفظه، لا سبيل لك عليه، وقيل: علي بمعنى إلى؛ أي: هذا الإخلاص طريق إليَّ؛ أي: يؤدي إلى كرامتي وثوابي {مُسْتَقِيمٌ}؛ أي: قويم لا عوج فيه. ولا انحراف، وقرأ الضحاك (¬1)، وإبراهيم، وابن سيرين، وأبو رجاء، ومجاهد، وقتادة، وقيس بن عباد، وحميد وعمرو بن ميمون، وعمارة ابن أبي حفصة، وأبو شرف مولى كندة، ويعقوب: {عَلَيُّ} بكسر السلام وبالرفع والتنوين على أنه صفة لـ {صِرَاطٌ}؛ أي: هذا الإخلاص طريق رفيع عالٍ، لارتفاع شأنه، مستقيم لا عوج فيه، وهذه القراءة على أن الإشارة إلى الإخلاص، فإيثار (¬2) حرف الاستعلاء على حرف الانتهاء لتأكيد الاستقامة، والشهادة باستعلاء من ثبت عليه، فهو أدل على التمكين من الوصول، ومو تمثيل؛ إذ لا استعلاء لشيء على الله تعالى،
42 - والإضافة في قوله: {إِنَّ عِبَادِي} إضافة تشريف؛ أي: إن عبادي المخلصين الذين ذكرتهم {لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ}؛ أي: على إغوائهم {سُلْطَانٌ}؛ أي: قدرة أصلًا؛ أي: لا تسلط لك عليهم، بإيقاعهم في ذنب يهلكون به، ولا يتوبون منه، فلا ينافي هذا ما وقع من آدم وحواء ونحوهما، فإنه ذنب مغفور، لوقوع التوبة عنه، وقيل المراد بعبادي
¬__________
(¬1) روح البيان.
(¬2) روح البيان.

الصفحة 65