كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 16)

ويقدرون على دفع الجوائح عنه، أو ردّ المهلك له من دون الله تعالى، فإنّ الله هو الذي يقدر وحده على نصره، وما كان منتصرًا بقوته عن انتقام الله منه بإهلاك جنته.
وخلاصته: أنه لا يقدر على نصره إلا الله، ولا ينصره غيره، من عشيرةٍ وولدٍ، وخدمٍ وحشمٍ، وأعوانٍ كما لا يقدر أن ينتصر لنفسه.
وقرأ الأخوان (¬1) - حمزة والكسائي - ومجاهد، وابن وثاب، والأعمش، وطلحة، وأيوب، وخلف، وأبو عبيد، وابن سعدان، وابن عيسى الأصبهاني، وابن جرير: {ولم يكن} بالياء، لأنّ تأنيث الفئة مجاز، وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، والحسن، وأبو جعفر، وشيبة {وَلَمْ تَكُنْ} بالتاء، وقرأ ابن أبي عبلة {فئة تنصره} على اللفظ.

44 - {هُنالِكَ} أي: في مثل ذلك الوقت، وفي تلك الحال، وفي مثل ذلك المقام {الْوَلايَةُ}؛ أي: النصرة {لِلَّهِ} سبحانه وتعالى وحده، ولا يقدر عليها أحد {الْحَقِّ}، أي: الثّابت الوجود، أزلًا، وأبدًا، وهو تقرير لقوله: {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ}.
والمعنى: أي في مثل تلك الشدائد والمحن، النصرة لله وحده، لا يقدر عليها غيره، أو المعنى (¬2) ينصر في مثل تلك الأحوال أولياءه المؤمنين على الكفرة، وينتقم لهم، كما نصر بما فعل بالكافر أخاه المؤمن، وحقق ظنه وترك عدوه مخذولًا مقهورًا، ويؤيّد هذا المعنى قوله: {هُوَ} سبحانه وتعالى {خَيْرٌ ثَوابًا}؛ أي (¬3): إثابة في الآخرة لمن آمن به، والتجأ إليه {وَخَيْرٌ عُقْبًا}؛ أي: عاقبة في الدنيا لمن رجاه، وعمل لوجهه، وقيل: المعنى: {هُوَ خَيْرٌ ثَوابًا}؛ أي (¬4): أفضل جزاءً لأهل طاعته، لو كان غيره يثيب {وَخَيْرٌ عُقْبًا}؛ أي: عاقبة طاعته، خير من عاقبة طاعة غيره، فهو خير إثابةً وعاقبةً.
¬__________
(¬1) البحر المحيط.
(¬2) روح البيان.
(¬3) المراح.
(¬4) الخازن.

الصفحة 379