كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 16)

{هَشِيمًا} أي: يابسًا متفرق الأجزاء، وقال الزمخشري: الهشيم ما تهشم، وتحطّم الواحدة هشيمة، وقال ابن قتيبة: كل ما كان رطبًا ويبس فهو هشيم، ويقال: صارت الأرض هشيمًا؛ أي: صار ما عليها من النبات والشجر قد يبس وتكسر {تَذْرُوهُ}؛ أي: تفرقه وتنشره، وذرت الريح التراب وأذرت العين دمعها، وعيناه تذريان الدّموع، وطعنته فأذريته عن فرسه، وأذراه الفرس عن ظهره رمى به، وذرا حد نابه انسحقت أسنانه، وسقطت أعاليها، وبلغني عنه ذروٌ من قولٍ؛ أي: طرف منه، وأخذ في ذروٍ من الحديث، إذا عرّض، ولم يصرح، قال صخر بن حبناء:
أتاني عن مغيرة ذرو قولٍ ... وعن عيسى فقلت له كذاك
{مُقْتَدِرًا}؛ أي: كامل القدرة، فهو مفتعل من قدر للمبالغة {بارِزَةً}؛ أي: ظاهرةٍ إذ لم يبق على وجهها شيء من العمائر، ولا من الجبال والأشجار {وَحَشَرْناهُمْ}؛ أي: سقناهم إلى الموقف من كل أوب {فَلَمْ نُغادِرْ}؛ أي: لم نترك يقال غادره، وأغدره إذا تركه، ومنه الغدر، وهو ترك الوفاء، والغدير: ما غادره السيل؛ أي: تركه من الماء في الغديرة؛ أي: في الحفرة، والغديرة الشّعر الذي نزل حتى طال، والجمع غدائر، ومنه قوله: غدائره مستشزرات إلى العلا.
والمفاعلة هنا: ليست على بابه؛ أي: ليس فيها مشاركةٌ {وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ}؛ أي: أحضروا لفصل القضاء {صَفًّا}؛ أي: مصطفين، وهو في الأصل مصدر يقال فيه: صف يصف صفًا من باب شد، واختلف هنا في {صَفًّا} هل هو مفردٌ وقع موقع الجمع إذ المراد صفوفًا، أو فيه حذف؛ أي: صفًا صفًا كما في آية أخرى {وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} {مَوْعِدًا}؛ أي: وقتًا ننجز فيه ما وعدنا من البعث، وما يتبعه {وَوُضِعَ الْكِتابُ}؛ أي: جعل كتاب كل عامل في يد صاحبه حين الحساب {مُشْفِقِينَ}؛ أي: خائفين من أشفق إذا خاف {يا وَيْلَتَنا}؛ أي: يا هلكتنا أقبل فهذا أوانك والويل: الهلاك {أَحْصاها}؛ أي: عدها وضبطها {حاضِرًا}؛ أي: مسطورًا في كتاب كل منهم {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ}؛ أي: لا يتجاوز ما حده من الثّواب والعقاب.

الصفحة 401