كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 16)

يكن شيء من ذلك، فإذًا لم تكن معه. وردّ هذا: بأنه قد يكون موسى عليه السلام خرج وغاب أيامًا، لكن لم يعلموا أنه ذهب لهذا الغرض، بل ذهب ليناجي ربه، ولم يقفهم على حقيقة غيبته بعد أن رجع، لعلمه بقصور فهمهم، فخاف من حط قدره عندهم، فأوصى فتاه بكتمان ذلك، وعلى الجملة: فإنكارهم لا يؤبه به، وهو جائز عقلا، وقد أخبر به سبحانه رسوله.

2 - من فتاه؟
فتى موسى: هو يوشع بن نون، بن أفراشيم، بن يوسف عليه السلام، وقد كان يخدمه ويتعلّم منه، والعرب تسمّي الخادم فتًى، لأن الخدم أكثر ما يكونون في سن الفتوة، كما يطلقون على العبد فتى، وفي الحديث الصحيح: «ليقل أحدكم فتاي وفتاتي، ولا يقل عبدي وأمتي» وهذا من محاسن الآداب الشرعية.

3 - من الخضر؟
الخضر: - بفتح الخاء وكسرها وكسر الضاد، وسكونها -: لقبٌ لصاحب موسى، واسمه بليا - بفتح الباء وسكون اللام - ابن ملكان، والأكثرون على أنه كان نبيًا، ولهم على ذلك أدلة:

1 - قوله: {آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا}، والرحمة النّبوّة بدليل قوله: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ}.

2 - قوله: {وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا}، وهذا يقتضي أنه علمه بلا واسطة معلم، ولا إرشاد مرشد، وكلّ من كان كذلك كان نبيًا.

3 - أنه قال له موسى: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ}، والنبي لا يتعلّم من غير النبي.

4 - أنه قال: {وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي}؛ أي: بل قد فعلته بوحي من الله، وهذا دليل النبوة.

4 - أين كان مجمع البحرين؟

الصفحة 431