كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 17)
سرا عاً. اهـ "خازن".
وهذه الجملة يجوز أن تكون مستأنفةً، وأن تكون حالًا من {الدَّاعِيَ} ويجوز أن تكون نعتاً لمصدر محذوف، تقديره: يتبعونه اتباعًا لا عوج له، والضمير: في {لَهُ} فيه أوجه:
أظهرها: أنه يعود على {الدَّاعِيَ}؛ أي: لا عوج لدعائه، بل يُسمع جميعهم، فلا يميل إلى ناس دون ناس.
والثاني: قيل هو عائد على ذلك المصدر المحذوف؛ أي: لا عوج لذلك الاتباع.
والثالث: أن في الكلام قلبًا، تقديره: لا عوج لهم عنه اهـ "سمين".
{وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ}؛ أي: سكنت وخفتت وخفضت {لِلرَّحْمَنِ}؛ أي: لهيبته، وذلت أصحابها، وخضعت لجلاله سبحانه، والخشوع: الخضوع، وهو: التواضع والسكون، أو هو في الصوت والبصر، والخضوع في البدن، وفي "المفردات" (¬1) الخشوع: الضراعة، وأكثر ما يستعمل فيما يوجد على الجوارح، والضراعة: أكثر ما يستعمل فيما يوجد في القلب، ولذلك قيل فيما روي: إذا ضرع القلب .. خشعت الجوارح، والصوت: هواء متموج بتصادم جسمين، وهو عام، والحرف: مخصوص بالإنسان {فَلَا تَسْمَعُ} أيها المخاطب ويا محمد حينئذ {إِلَّا هَمْسًا}؛ أي: إلا صوتًا خفيًا، وهو صوت وطء الأقدام في مشيها إلى المحشر، كصوت أخفاف الإبل في مشيها، يقال: همست الإبل: إذا سمع ذلك من وقع أخفافها على الأرض اهـ "سمين"، ومعنى {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ}؛ أي: يوم (¬2) يرى الناس هذه الأهوال .. يتبعون صوت داعي الله الذي يجمعهم إلى موقف الحساب والجزاء، ولا يكون لهم ميل عنه ولا انحراف، ولكنهم سراعًا إليه يقبلون، إذا أمروا بشيء قالوا: لبيك ونحن بين يديك والأمر منك وإليك، كما قال {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} وقال: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا} ومعنى: {وَخَشَعَتِ
¬__________
(¬1) روح البيان.
(¬2) المراغي.