كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 19)
في "مبحث التصريف"، والمراد بهذا الوصف: مدحهم بنهاية العفة، والإعراض عن الشهوات، وفي "التأويلات النجمية"، يعني: يحفظون عن التلذذ بالشهوات؛ أي: لا يكون أزواجهم وإماؤهم عدوًا لهم، بأن يشغلوهم عن الله وطلبه، فحينئذٍ يلزم الحذر منه كقوله: {عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}.
7 - {فَمَنِ ابْتَغَى} وطلب {وَرَاءَ ذَلِكَ} الذي ذكر من الحد المتسع، وهو أربع من الحرائر، وما شاء من الإماء {فَأُولَئِكَ} المبتغون {هُمُ الْعَادُونَ}؛ أي: الكاملون في العدوان، المتناهون فيه، أو المتعدون من الحلال إلى الحرام.
والمعنى: فمن التمس وطلب سوى الأزواج والولائد، وهن الجواري المملوكة، فأولئك هم الظالمون، المجاوزون لحدود الله من الحلال إلى الحرام، قال البغوي: وفي الآية دليل على أن الاستمناء باليد حرام، وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة (¬1)، وقال أحمد بن حنبل: يجوز إخراجها لحاجة؛ لأنها فضلة، كدم القصد والحجامة، لكن بشروط ثلاثة: أن يخاف الزنا، وأن لا يجد مهر حرة أو ثمن أمة، وأن يفعله بيده، لا بيد أجنبي أو أجنبية، ويجوز بيد زوجته أو جاريته، لكن قال القاضي حسين: مع الكراهة؛ لأنه في معنى العزل.
الخلاة: الصائم إذا عالج ذكره حتى أمنى، يجب عليه القضاء (¬2)، ولا كفارة عليه، ولا يحل هذا الفعل، خارج رمضان، إن قصد تسكين شهوته، وأرجو أن لا يكون عليه ويل. اهـ.
وقال ابن جريج: سألت عطاء عنه، فقال: سمعت أن قومًا يحشرون وأيديهم حبالى وأظنهم هؤلاء، وعن سعيد بن جبير: عذب الله أمة كانوا يعبثون بمذاكيرهم. والواجب على فاعله التعزير، كما قاله ابن الملقن وغيره.
8 - والسادس: رعاية الأمانة والعهد، وذكره بقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ}؛ أي: لما يؤتمنون عليه ويعاهدون من جهة الحق، أو الخلق {رَاعُونَ}؛ أي: قائمون عليها، وحافظون لها على وجه الإصلاح؛ أي: والذين هم لأماناتهم؛
¬__________
(¬1) الصاوي.
(¬2) روح البيان.
الصفحة 19
527