كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 19)

إلى المنكب، وهذا أشهر الروايات.
وقيل غير ذلك، وقد تقدم في هود، أنه جعلها ثلاث طباق: السفلى للسباع، والهوامّ، والوسطى للدواب والأنعام، والعليا للإنس، والفاء في قوله: {فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا} لترتيب (¬1) ما بعدها على ما قبلها، أو صنع الفلك، وقيل: الفاء استثنافية؛ في: فإذا اقترب وقت قضائنا بعذابهم، عقب تمام صنعة الفلك {وَفَارَ التَّنُّورُ} عطف بيان لمجيء الأمر؛ أي: ونبع التنور الماء على خرق العادة؛ أي: المخبز الذي كان لآدم، فصار إلى نوح عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام وكان في موضع مسجد الكوفة، عن يمين الداخل أو باب كندة اليوم وقيل: كان في عين وردة من الشام. أو المعنى: ونبع الماء أو وجه الأرض، وظاهرها، وروي أنه قيل له عليه السلام: إذا فار الماء من التنور .. اركب أنت ومن معك، فلما نبع مثله الماء، أخبرته امرأته فركبوا {فَاسْلُكْ فِيهَا}؛ في: فأدخل في الفلك {مِنْ كُلٍّ} حيوان غير البشر، حضر في هذا الوقت، أو السباع والطير وغيرهما، أو كل ما يلد، أو يبيض، بخلاف ما يلد من العفونات، كالدود والبق، فلم يحمله فيها، وفي القصة (¬2) أو الله تعالى حشر لنوح السباع والطير وغيرهما، فجعل يضرب بيديه في كل نوع، فتقع يده اليمنى على الذكر، واليسرى على الأنثى، فيحملهما في السفينة {زَوْجَيْنِ}؛ أي: فردين مزدوجين ذكرًا وأنثى؛ لكي لا ينقطع نسل ذلك الحيوان، {اثْنَيْنِ} تأكيد لزوجين، وقرأ حفص بتنوين كل، {فزوجين}، مفعول به، و {اثْنَيْنِ} تأكيد له؛ في: أدخل من كل نوع زوجين، وقرأ الباقون: بغير تنوين، فـ {اثنين} مفعول به {وَأَهْلَكَ} منصوب بفعل محذوف، معطوف على {فَاسْلُكْ} لا بالعطف (¬3)، على زوجين، أو على {اثنين} على القراءتين؛ لأدائه إلى اختلاف المعنى، والتقدير: واسلك أهلك، والمراد: امرأته المؤمنة، وبنوه الثلاثة المؤمنون، سام أبو العرب، وحام أبو
¬__________
(¬1) الشوكاني.
(¬2) المراح.
(¬3) الشوكاني.

الصفحة 39