كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 19)
وأخرج البيهقي من حديث أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "لما خلق الله الجنة، قال لها: تكلمي، فقالت: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)} ". وأخرجه أيضًا ابن أبى عدي، والحاكم، وأخرج الطبراني في السنة وابن مردويه، من حديث ابن عباس مثله.
وأخرج البخاري في "الأدب المفرد" (¬1)، والنسائي وابن المنذر، والحاكم، وصححه وابن مردويه، والبيهقي في "الدلائل"، عن يزيد بن بابنوس، قال: قلنا لعائشة: كيف كان خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: كان خلقه القرآن، ثم قالت: تقرأ سورة المؤمنون؟ إقرأ {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)} حتى بلغ العشر، فقالت: هكذا كان خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وروي: أن أولها وآخرها من كنوز الجنة، من عمل بثلاث آيات من أولها واتعظ بأربع من آخرها، فقد نجا وأفلح.
الناسخ والمنسوخ: قال أبو عبد الله محمد بن حزم رحمه الله تعالى (¬2): في سورة المؤمنون آيتان منسوختان:
إحداهما: قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54)} الآية (54) نسخت بآية السيف.
الآية الثانية: قوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} الآية (97) نسخت بآية السيف أيضًا.
المناسبة: مناسبة هذه السورة لما قبلها من وجوه (¬3):
1 - أنه تعالى ختم السورة السابقة بخطاب المؤمنين، وأمرهم بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وفعل الخيرات، لعلهم يفلحون، وحقق فلاحهم في بدء هذه السورة (2).
¬__________
(¬1) الشوكاني.
(¬2) ابن حزم.
(¬3) المراغي.
الصفحة 8
527