كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 22)

المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، إذ الأصل يبلس إبلاس المجرمين.
{فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ} والروضة: كل أرض ذات نبات وماء ورونق ونضارة، والمراد بها الجنة، وفي أمثالهم: أحسن من بيضة في روضة، يريدون بيضة النعامة.
وفي "الأساس" و"اللسان": بأرضه روضة وروضات ورياض، وروض الغيث الأرض، وأراض المكان واستراض؛ أي: كثرت رياضه. اهـ.
قال الراغب: الروض: مستنقع الماء والخضرة، وقوله: {فِي رَوْضَةٍ} عبارة عن رياض الجنة، وهي: محاسنها وملاذها انتهى.
{يُحْبَرُونَ}؛ أي: يسرون سرورًا، تهللت له وجوههم، وفي "المفردات": يفرحون حتى يظهر عليهم حبار نعيمهم؛ أي: أثره، يقال: حبره: إذا سره سرورًا تهلل له وجهه، ويقال: حبر فلان، إذا بقي بجلده أثر من فرح، والحبر: العالم، لما يبقى من أثر علومه في قلوب الناس، ومن آثار أفعاله الحسنة المقتدى بها، وإلى هذا المعنى، أشار أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - بقوله: والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وآثارهم في القلوب موجودة، ويقال: التحبير: التحسين الذي يسر به، يقال لعالم: حبر؛ لأنه يتخلق بالأخلاق الحسنة، وللمداد: حبر؛ لأنه يحسن به الأوراق، فيكون الحبرة كل نعمة حسنة اهـ. من "الروح".
{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ} والسبح: هو المر السريع في الماء أو الهواء، والتسبيح: تنزيه الله، وأصله: المر السريع في عبادة الله، جعل عامًا في العبادات، قولًا كان أو فعلًا أو نيةً، والسبوح والقدوس: من أسماء الله تعالى، وليس في كلامهم فعول سواهما، وسبحان هنا: مصدر كغفران، موضوع موضع الأمر، مثل {فَضَرْبَ الرِّقَابِ}. والتسبيح: محمول على حقيقته، وظاهره الذي هو تنزيه الله تعالى عن السوء، والثناء عليه بالخير، والحين: بالكسر وقت مبهم يصلح لجميع الأزمان، طال أو قصر، يتخصص بالمضاف إليه، كما في هذا المقام.

الصفحة 119