كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 22)
وخلاصة ذلك: أبعد ظهور ما بينهما من تفاوت بين، يظن أن المؤمن الذي حكيت أوصافه، كالكافر الذي ذكرت قبائح أعماله؟ كلا، إن الفصل بينهما لا يخفى على ذي عينين.
19 - {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} الآية.
وبعد أن نفى استواءهما، أتبعه بذكر حال كل منهما على سبيل التفصيل، فقال: {أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا} بالله ورسوله وصدقوهما {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ أي: عملوا الأعمال الصالحة، بامتثال الأوامر، واجتناب النواهي، {فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى}؛ أي: مساكن فيها البساتين والدور والغرف العالية.
وفي "الإرشاد" (¬1) أضيفت الجنة إلى المأوى؛ لأنها الفتاوى الحقيقي، وإنما الدنيا منزل مرتحل عنه لا محالة، ولذلك سميت قنطرةً؛ لأنها معبر للآخرة لا مقر، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: جنة المآوى كلها من الذهب، وهي إحدى الجنان الثمان، التي هي دار الجلال، ودار القرار، ودار السلام، وجنة عدن، وجنة المأوى، وجنة الخلد، وجنة الفردوس، وجنة النعيم.
وقرأ الجمهور: {جَنَّاتُ} بالجمع.
حالة كون تلك الجنات {نُزُلًا}، لهم؛ أي: ثوابًا وأجرًا يكرمون به، كما يكرم الضيف بما يعد له من الطعام النفيس، والنزل، بضمتين في الأصل: ما يعد للنازل والضيف من طعام وشراب، كما سيأتي، ثم صار عامًا في كل عطاء؛ أي: فلهم جنات المأوى {بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}؛ أي: بسبب أعمالهم الحسنة، التي عملوها في الدنيا نزلًا وجزاءً لهم عليها.
¬__________
(¬1) روح البيان.