كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 26)

والثاني: الإيمان والتصديق، فإنه الأصل، وذلك بجميع ما يكون به المرء مؤمنًا، خصوصًا الساعة، وكذا الاستعداد لها بالأعمال الصالحة.
والثالث: مدح العلم، لكن إذا قرن بالخوف والخشية والعمل الصالح، كان أمدح، فإن العلم ليس جالبًا للسؤدد إلا من حيث طرده الجهل فلا تعجب بعلمك، فإن فرعون علم بنبوة موسى وإبليس علم بحال آدم، واليهود علموا بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وحرموا التوفيق للإيمان.
والرابع: ذم الشك والتردد، فلا بد من اليقين الصريح، بل من العيان الصحيح.
والخامس: أن الشقاوة والسعادة أزليتان، وإنما يشقى السعيد لكون سعادته عارضة، وإنما يسعد الشقي لكون شقاوته عارضة، فكل يرجع إلى أصله، فنسأل الله سبحانه الهدى، نعوذ به تعالى من الهوى.
الإعراب
{حم (1) عسق (2) كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4)}.
{حم (1) عسق (2)}: خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: هذه سورة حم عسق، إن قلنا إنه اسم للسورة، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الأخير، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية، والجملة مستأنفة، {كَذَلِكَ}: صفة لمصدر محذوف {يُوحِي} فعل مضارع مرفوع {إِلَيْكَ}: متعلق بـ {يُوحِي}، {وَإِلَى الَّذِينَ}: معطوف على إليك، {مِنْ قَبْلِكَ}: صلة الذين، {اللَّهُ} فاعل، {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} نعتان للجلالة، والجملة الفعلية مستأنفة، والتقدير: يوحي الله العزيز الحكيم إليك، وإلى الذين من قبلك من الرسل: إيحاء مثل إيحاء هذه السورة، وقرىء {يُوحِي} بالبناء للمجهول، فنائب الفاعل هو الجار والمجرور، ولفظ الجلالة فاعل لفعل محذوف دل عليه {يُوحِي}، كأنّ سائلًا سأل، فقال: من الموحي، فأجاب يوحي الله العزيز الحكيم، والجملة المحذوفة، مستأنفة استئنافًا

الصفحة 73