كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 27)

{سَاهُونَ} قال الراغب: السهو: خطأ عن غفلة، وذلك ضربان:
أحدهما: أن لا يكون من الإنسان جوالبه ومولداته كمجنون سبَّ إنسانًا.
والثاني: أن يكون مولداته منه، كمن شرب خمرًا، ثم ظهر منه منكر لا عن قصد إلى فعله، والأول معفو عنه، والثاني مأخوذ به، وعلى الثاني ذمَّ الله تعالى فقال: {الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ (11)} انتهى. وقوله: ساهون جمع ساه، وفعله سها يسهو، فأصل ساهٍ: ساهو، قلبت واوه ياء لتطرفها إثر كسرة، ثم أعلت إعلال قاض، أما ساهون، فأصله: ساهيون، وعلى هذا استثقلت الضمة على الياء، فحذفت فالتقى ساكنان، فحذفت الياء وضمت الهاء لمناسبة الواو، فوزنه فاعون.
{يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (13)}؛ أي: يحرقون ويعذّبون بها، كما يفتن الذهب بالنار، يقال: فتنت الشيء؛ أي: أحرقت خبثه لتظهر خلاصته، فالكافر كله خبث، فيحرق كله، قال الراغب: أصل الفتن: إدخال الذهب النار لتظهر جودته من رداءته، ويستعمل في إدخال الإنسان النار، ومنه: قوله تعالى: {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ}؛ أي: عذابكم، وتارةً يسمون ما يحصل منه العذاب فتنةً، فيستعمل فيه نحو قوله تعالى: {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا}. وتارة في الاختبار نحو قوله تعالى: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا}.
{قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} والهجوع: النوم بالليل دون النهار، وبابه خضع، والهجعة: النومة الخفيفة، ويقال: أتيت فلانًا بعد هجعة؛ أي: بعد نومة خفيفة من الليل، كما في "المختار".
{وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)} جمع سحر بفتح السين وسكون الحاء: السدس الأخير من الليل لاشتباهه بالضياء، كالسحر يشبه الحق، وهو باطل.
{لِلسَّائِلِ}؛ أي: المستجدي الطالب العطاء.
{وَالْمَحْرُومِ} هو المتعفّف الذي يحسبه الجاهل غنيًا فيحرم الصدقة من أكثر الناس، وفي "القاموس": المحروم: الممنوع من الخير، ومن لا ينهى له مالٌ،

الصفحة 533