كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 27)

الناس كما مرّ.
{فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} الصك: ضرب الشيء بالشيء العريض، يقال: صكه: إذا ضربه شديدًا بعريض، أو عام كما في "القاموس".
{وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ}؛ أي: أنا كبيرة السنّ، سميت العجوز عجوزًا؛ لعجزها عن كثير من الأمور، وقال في "القاموس": العقم بالضم: هزمة تقع في الرحم فلا تقبل الولد، وفي "عين المعاني": العقيم: من سد رحمها، ومنه: الداء العقام، كما مرّ.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاستعارة التصريحية التبعيّة في قوله: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10)}؛ أي: لعن الكذّابون، حيث شبّه اللعن بالقتل بجامع ذوات كل خير في كل منهما، فاشتق من القتل بمعنى اللعن قتل بمعنى لعن علي طريقة الاستعارة التصريحية التبعيّة، ففيه تشبيه الملعون الذي يفوته كل خير وسعادة بالمقتول الذي تفوته الحياة، وكل نعمة. اهـ "زاده".
ومنها: الطباق في قوله: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)}؛ لأنّ السائل الطالب والمحروم المتعفّف.
ومنها: الكناية عن الموصوف في قوله: {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (9)}؛ لأنّه كناية عن محذوف، وهو المكذّب الجاحد للحق، والضمير في {عَنْهُ} للرسول أو للقرآن؛ أي: يصرف عنه من صرف صرفًا لا أشدَّ منه ولا أعظم، وفائدة الكناية هنا: أنّه لمّا خصَّص هذا بأنه هو الذي .. صرف أفهم أن غيره لا يصرف، فكأنه قال: لا يثبت الصرف في الحقيقة إلا لهذا، وكل صرف دونه يعتبر بمثابة المعدوم بالنسبة إليه.
ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {فِي غَمْرَةٍ}؛ لأن الغمرة حقيقة في

الصفحة 535