كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 28)

المسوح، وترك اللحم، ونحوها، اهـ.
{ابْتَدَعُوهَا} استحدثوها، ولم تكن في دينهم. {ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ}؛ أي: طلبًا لرضاه، ومحبته، وفيه إعلال بالإبدال، أصله: ابتغاى أبدلت الياء همزة لتطرفها إثر ألف زائدة.
{فَمَا رَعَوْهَا}؛ أي: ما حافظوا عليها، أصله: رعيوها، قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح، ثم حذفت الألف لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة.
{كِفْلَيْنِ}؛ أي: نصيبين ضخمين. والكفل: الحظ. قال المؤرخ السدوسي: الكفل: النصيب بلغة هذيل. وقال غيره: بل بلغة الحبشة. وقال المفضل الضبي: أصل الكفل: كساء يديره الراكب حول سنام البعير، ليتمكن من القعود عليه، والنوم إذا أراده، فيحفظه من السقوط، ففيه حظ من التحرز.
{تَمْشُونَ} أصله: تمشيون بوزن تفعلون، استثقلت الضمة على الياء فحذفت فالتقى ساكنان، فحذفت الياء وضمت الشين لمناسبة الواو.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التشبيه البليغ في قوله: {لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} فقد حذف أداة التشبيه تنبيهًا على قوة المماثلة، وبلوغها حد الاتحاد، كما فعل ذلك أوّلًا حيث قال: {هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ}. وليست المماثلة بين ما للفريق الأول من الأجر والنور، وبين تمام ما للأخيرين من الأصل بدون الإضعاف، فيحصل التفاوت، كذا في "روح البيان"، فراجعه إن شئت.
ومنها: التشبيه التمثيلي في قوله: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ...} الآية، حيث مثل الحياة الدنيا في سرعة انقضائها، وقلة جدواها بحال نبات أنبته الغيث فاستوى، وأعجب به الحراث. فوجه التشبيه منتزع من متعدد.
ومنها: الطباق في قوله: {وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ ...} إلخ، فقد طابق بين العذاب والمغفرة في قوله: {وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ} ولكنه طابق بين واحد وشيئين،

الصفحة 516