كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 31)

إمطارها، وقيل: المراد أن الديار تعطل فلا تسكن، وقيل: الأرض التي تعشر زرعها تعطل فلا تزرع، وقيل: إذا قاموا من القبور .. شاهدوا الوحوش والدواب محشورة، وعشارهم فيها التي كانت كرائم أموالهم لم يعبؤوا بها لشغلهم بأنفسهم.
وقرأ الجمهور (¬1): {عُطِّلَتْ} بالتشديد، وقرأ ابن كثير في رواية عنه بالتخفيف، وقيل: هو وهم، وعَطَلَت بفتحتين، بمعنى: تعطلت؛ لأن التشديد فيه للتعدي، يقال منه: عطلت الشيء وأعطلته فعطل بنفسه، وعطلت المرأة فهي عاطل: إذا لم يكن عليها الحلي، فلعل هذه القراءة عن ابن كثير لغة استوى فيها فعلت وأفعلت، والله أعلم. انتهى.

5 - {وَإِذَا الْوُحُوشُ} قال في "القاموس": الوحش: حيوان البر كالوحيش، والجمع: وحوش وحشان، والواحد: وحشي، قال ابن الشيخ (¬2): هو اسم لما يستأنس بالإنسان من حيوان البر، والمكان الذي لا أنيس فيه وحشي، وخلاف الوحشي: الأهلي. {حُشِرَتْ}؛ أي: جمعت من كل جانب، واختلط بعضها ببعض وبالناس مع نفرة بعضها عن البعض وعن الناس أيضًا، وتفرقها في الصحارى والقفار، وذلك الجمع من هول ذلك اليوم، وقيل: بعثت للقصاص إظهارًا للعدل. قال قتادة: يحشر كل شيء حتى الذباب للقصاص، فيقتص للجماء من القرناء، فإذا قضي بينها .. ردت ترابًا، فلا يبقى منها إلا ما فيه سرور لبني آدم، وإعجاب بصورته، أو بصوته، كالطاووس والبلبل ونحوهما، فإذا بعثت الحيوانات للقصاص تحقيقًا لمقتضى العدل، فكيف يجوز مع هذا أن لا يحشر المكلفون من الإنس والجن، وقيل: حشرها: موتها.
والمعنى: أي ماتت وهلكت، تقول العرب إذا أضرت السنة بالناس، وأصابتهم بالقحط والجدب .. حشرتهم السنة؛ أي: أهلكتهم، وهلاكها يكون من هول ذلك الحادث العظيم.
وقرأ الجمهور (¬3): {حُشِرَتْ} بالتخفيف، وقرأ الحسن وعمرو بن ميمون
¬__________
(¬1) البحر المحيط.
(¬2) روح البيان.
(¬3) المراغي.
(¬4) البحر المحيط.

الصفحة 158