كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 31)
التصريف ومفردات اللغة
{وَالْفَجْرِ (1)} الفجر: هو الوقت الذي ينشق فيه الضوء، وينفجر فيه النور، وقد أقسم ربنا به؛ لما يحصل فيه من انقضاء الليل، وظهور الضوء، وما يترتب على ذلك من المنافع، كانتشار الناس وسائر الحيوان من الطير والوحش لطلب الرزق، كما مر.
{وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)} جمع: ليلة، وهي الزمن الذي بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر أو طلوع الشمس، وهذه الليالي العشر غير متعينة، بل في كل شهر، وهذه العشر يتشابه حالها مع حال الفجر، فيكون ضوء القمر فيها مطاردًا لظلام أول الليل إلى أن تغلبه الظلمة، كما يهزم ضوء الصبح ظلمة الليل حتى سطع النهار، ولا يزال الضوء منتشرًا إلى الليل الذي بعده، وضوء الأهلة في عشر ليال من أول كل شهر يشق الظلام، ثم لا يزال الليل يغالبه إلى أن يغلبه، فيسدل على الكون حجبه.
{وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)}؛ أي: والزوج والفرد من هذه اليالي، فهو سبحانه أقسم بالليالي جملة، ثم أقسم بما حوته من زوج وفرد، والشفع: الزوج من العدد، يقال: أشفع هو أم وتر؟؛ أي: أزوج هو أم فرد، ويجمع على أشفاع وشفاع، ومصدر شفع يشفع - من باب فتح - شفعًا الشيء؛ أي: صيره شفعًا؛ أي: زوجًا بأن يضيف إليه مثله، يقال: كان وترًا فشفعه بآخر؛ أي: قرنه به. وفي "القاموس": والشفع: خلاف الوتر، وهو الزوج، وشفعه كمنعه {وَالْوَتْرِ} وفي "القاموس": والوتر - بالكسر ويفتح - الفرد، أو ما لم يتشفع من العدد.
{وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4)} يقال: سرى يسري سُرى ومسرى: إذا سار عامة الليل. وفي "المصباح": سريت الليل، وسريتُ به سرى، والاسم السراية: إذا قطعته بالسير، وأسريت بالألف لغة حجازية، ويستعملان متعديين بالباء إلى المفعول، ويقال: سريت بزيد، وأسريت به، والسرية - بضم السين وفتحها - أخص، يقال: سرينا سريةً من الليل وسرية، والجمع: السرى مثل: مدية ومدى.
قال أبو زيد: ويكون السري أول الليل وأوسطه وآخره، وقد استعملت العرب سرى في المعاني تشبيهًا لها بالأجسام مجازًا واتساعًا. قال الله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4)}، والمعنى: إذا يمضي. {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5)}؛ أي؛ لصاحب
الصفحة 438
448