كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 31)
ويجوز أن يكون صيغة مبالغة، كالمطعان لكثير الطعن.
{فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ}؛ أي: اختبره ببسط الرزق، أصله: ابتليه بوزن افتعل، قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح.
{فَأَكْرَمَهُ}؛ أي: صير مكرمًا يرفل في بحبوحة النعيم.
{وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ}؛ أي: اختبره بتضييق الرزق عليه. {فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ}؛ أي: صيره فقيرًا مقترًا عليه في الرزق، تقول: قدرت عليه الشيء؛ أي: ضيقته عليه، وكأنك جعلته بقدر لا يتجاوزه. {أَهَانَنِ} أصله: أهوَيُ، بوزن: أفعل، نقلت حركة الواو إلى الهاء فسكنت، فقلبت ألفًا لتحركها في الأصل، وفتح ما قبلها الآن.
{وَلَا تَحَاضُّونَ} أصله: تتحاضضون بوزن: تتفاعلون، حذفت إحدى التاءين للتخفيف، وأدغمت الضاد في الضاد، فصار تحاضون. وقرأ غير الكوفيين: {تحضون} بضم الحاء وأصله: تحضضون بوزن: تفعلون بمعنى: تحاضون المتقدم، نقلت حركة الضاد الأولى إلى الحاء، ثم أدغمت لما سكنت في الضاد الثانية من الحض، وهو الحث والتحريض. {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ} التراث: بوزن فعال الميراث، وأصله: وراث كتجاه في وجاه، قلبت واوه تاءً، والميراث: هو المال المنتقل من الميت. {أَكْلًا لَمًّا} واللم: الجمع، يقال؛ كتيبة ملمومة؛ أي: مجتمعة بعضها إلى بعض، وفي "المختار": {أَكْلًا لَمًّا} فعله من باب رد، يقال: لم الله شعثه؛ أي: أصلح وجمع ما تفرق من أمره، وقال أبو عبيدة: لممت ما على الخوان: إذا أكلت جميع ما عليه بأسره. {حُبًّا جَمًّا} الجم: الكثير، يقال: جم الماء في الحوض إذا اجتمع فيه وكثر. قال الشاعر:
إِنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمَّا ... وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لَا أَلَمَّا
{كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21)} الدك: الدق، يقال: دككت الشيء أدكه دكًا: إذا ضربته وكسرته حتى سويته بالأرض، وقال الخليل: الدك: كسر الحائط والجبل وتسويته بالأرض، ومنه: اندك سنام البعير: إذا انغرس في ظهره {دَكًّا دَكًّا}؛ أي: دكًا بعد دك؛ أي: كرر عليها الدك، وتتابع حتى صارت كالصخرة الملساء. {صَفًّا صَفًّا}؛ أي: صفًا بعد صف، بحسب منازلهم ومراتبهم في الفضل.
الصفحة 440
448