كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 31)

{وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ} والنوم: استرخاء أعصاب الدماغ برطوبات البخار الصاعد إليه، ولذا قلَّ النوم في أهل رياضة النفس؛ لقلة الرطوبات فيهم. {سُبَاتًا}؛ أي: راحةً أو موتًا؛ أي: كالموت، والمسبوت: الميت من السبت، وهو القطع؛ لأنه مقطوع عن الحركة، ومنه سمي يوم السبت؛ لأن الله تعالى ابتدأ بخلق السموات والأرض يوم الأحد، فخلقها في ستة أيام، فقطع عمله يوم السبت، فسمي بذلك، وقيل: السبات - بضم السين -: قطع الحركة لتحصيل الراحة.
{وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10)}؛ أي: كاللباس، واللباس: ما يلبسه الإنسان ليستر به جسمه ويغطيه.
{وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11)}؛ أي: وقتًا لتحصيل أسباب المعاش والحياة، وهو مصدر ميمي من عاش يعيش عيشًا ومعاشًا ومعيشة وعيشة، وعلى هذا لا بد من تقدير المضاف، ولذا قدروا لفظ الوقت، ويحتمل أن يكون اسم زمان على صيغة مفعل، فلا حاجة حينئذٍ إلى تقدير المضاف، وتفسيره بوقت معاش إبراز لمعنى صيغة اسم الزمان، وتفصيل لمفهومها، وأصله: معيشًا بوزن: مفعل، نقلت حركة الياء إلى العين، فسكنت، لكنها قلبت ألفًا. لتحركها في الأصل، وفتح ما قبلها في الحال.
{سَبْعًا شِدَادًا}؛ أي: سبع سموات قوية محكمة، لا فطور فيها، ولا تصدع.
{سِرَاجًا وَهَّاجًا} والسراج: ما يضيء وينير، والوهاج: المتلألىء، والمراد به: الشمس.
{مِنَ الْمُعْصِرَاتِ} والمعصرات: السحائب، والغيوم إذا أعصرت؛ أي: حان وقت أن تعصر الماء، فيسقط منها. {مَاءً ثَجَّاجًا}؛ أي: كثير الانصباب عظيم السيلان، والمراد به: المطر، والثج: الانصباب بكثرة وشدة، ويقال: ثج الماء بنفسه؛ أي: انصب، وثججته أنا؛ أي: صببته ثجًا وثجوجًا، فيكون لازمًا ومتعديًا، وفي "المختار": ثج الماء والدم: سال، وبابه رد، ومطر ثجاجٌ؛ أي: منصب جدًّا، والثج أيضًا: سيلان دماء الهدي، وهو لازم، تقول منه ثج الدم يثج بالكسر ثجًا بالفتح.
{حَبًّا} والحب: ما يقتات به الإنسان كالحنطة والشعير والذرة ونحوها من

الصفحة 54