كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 31)

ومنها: الإتيان بـ {ثُمَّ} في الجملة الثانية، للدلالة على أن الوعيد الثاني أبلغ وأشد.
ومنها: التشبيه البليغ في قوله: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7)} أصل الكلام: جعلنا الأرض كالمهاد الذي يفترشه النائم، والجبال كالأوتاد التي تثبت الدعائم، فحذف أداة التشبيه ووجه الشبه فأصبح بليغًا، ومثله: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10)}؛ أي: كاللباس في الستر والإخفاء، فوجه الشبه: الستر؛ لأن كلًّا من اللباس والليل يستر المتلبس به؛ أي: يستركم عن العيون إذا أردتم النجاة بأنفسكم من عدو يلاحقكم، أو بياتًا له، إذا أردتم إنزال الوقيعة به في منأى عن العيون، أو يعينكم على إخفاء ما لا ترغبون في أن يطلع عليه أحد.
ومنها: المقابلة اللطيفة بين: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10)} وبين: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11)} قابل بين الليل والنهار، والراحة والعمل، وهو من المحسنات البديعية.
ومنها: التشبيه البليغ في قوله: {فَكَانَتْ أَبْوَابًا}؛ أي: كالأبواب في التشقق والانصداع، فحذفت الأداة ووجه الشبه، فصار بليغًا.
ومنها: التعبير بصيغة الماضي في قوله: {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19)} للدلالة على التحقق، وكذا قوله: {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20)}.
ومنها: التشبيه البليغ في قوله: {فَكَانَتْ سَرَابًا}؛ أي: كانت كالسراب الذي يرى نصف النهار كأنه ماء؛ أي: فصارت بتسييرها مثل السراب؛ أي: شيئًا كلا شيء.
ومنها: الكناية في قوله: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23)}؛ لأنه كناية عن التأبيد؛ أي: ماكثين فيها أبدًا.
ومنها: الطباق بين {بَرْدًا} و {حَمِيمًا}.
ومنها: الأمر الذي يراد به الإهانة والتحقير في قوله: {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30)}، وفيه أيضًا لالتفات من الغيبة إلى الخطاب مبالغةً في التوبيخ والإهانة.
ومنها: التخصيص في قوله: {وَأَعْنَابًا} بعد التعميم في قوله: {حَدَائِقَ} إظهارًا لفضلها على سائر الفواكه.

الصفحة 58