كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
يدل على أنّ الإقراش ليس بركن من الإيمان بل شرط لإجراء أحكام الدنيا عليه كالصلاة عليه ودفنه في مقابرنا ونحوه ولا بد من أن يكون إقراره أيضاً على وجه الإعلان للمسلمين بخلاف ما إذا كان لإقمام الإيمان فإنه يكون بمجرّد أليهلم، والخلاف في القادر على التكلم لا العاجز كالأخرس ثم اختلف أهل التحقيق في المراد بالتصديق هنا هل هو المنطقي وهو الإذعان والقبول أو هو أمر آخر أخص منه ولذا قال بعض المحققين المعتبر في الإيمان التصديق الاختياري ومعناه نسبة الصدق إلى المتكلم اختياراً، وبهذا القيد يمتاز عن المنطقي فإنه يخلو عن الاختيار وذهب بعض المتأخرين إلى أنه بعينه المنطقيّ غايته أنه نوع منه بالمعنى اللغوي والتصديق والتسليم واحد كما يعلم من كلام كبار الصحابة وعلماء الأمة وتفصيله في الكلام وقد مر نبذ منه وقوله لقوله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ} الخ دليل على أنّ اسم المؤمن لا يسلب عمن لم يشارف الجحد فانّ الاقتتال كبيرة وقد أطلق على المقتتل أنه مؤمن ولو كان باغيا فقال: قاتلوا التي تبغي حتى تفيء الخ وحتى تقتضي الامتداد في البغي وهو انهماك فلا يرد عليه أنه لا دلالة فيها على أنّ اسم المؤمن لم يسلب عن المنهمك فإنه بمجرّد القتال لا يتحقق الانهماك. قوله: (والمعتزلة لما قالوا الخ) اختلف المعتزلة بعد اعتبارهم العمل في الإيمان هل المراد بالعمل الطاعة مطلقا أو الفرض فذهب بعضهم إلى الأوّل وبعضهم إلى الثاني، وهل الإيمان العمل فقط أو مجموع الثلاثة، ونزوله منزلة المؤمن أنه يحكم له بحكم الإيمان من
التناكح والتوارث والدفن والصلاة عليه وغير ذلك، وتنزيله منزلة الكافر في استحقاقه ا! لذم، التخليد في النار وعدم قبول شهادته، ومشاركتة للمؤمن فيما ذكر وفي أصل التصديق وللكافر مي عدم الطاعة وفيما ذكر وأول من أظهر المنزلة بين المنزلتين واصل بن عطاء حين اعتزل مجلس الحسن كما تقرّر في محله. قوله: (وتخصيص الإضلال الخ) التخصيص مأخوذ من الحصر وترتبه على الفسق من تعليقه بالمشتق كما مرّ من اقتضائه العلية المقدمة على المعلول رتبة ومرتبا بصيغة المفعول حال من الإضلال وقيل: إنه يجوز فيه أن يكون بصيغة اسم الفاعل حالاً من الفاعل المقدّر للتخصيص وهو الله تعالى وهو تكلف لا حاجة إليه وان جاز والضمير لي توله على أنه للفسق وما بعده يدل على أنّ الفسق هنا بمعنى الكفر لأنه يطلق عليه كما مر من شاع في الكبائر حتى اختص بها عرفا، والفاسقين منصوب على أنه مفعول يتجلى لأنه استثناء مفرّغ وأعد بمعنى هيأ فالفسق جعلهم مستعدين لخلق الله فيهم الضلال وأدى بهم بمعنى أوصلهم إلى الضلال به أي بما ذكر من المثل وبه سقط في بعض النسخ، وأذى متعد بنفسه، والمصنف رحمه الله عداه بالباء ففي كل من الفسق والميل سببية باعتبار كما أشار إليه بقوله لأنّ كفرهم الخ وإصرارهم بالباطل مضمن معنى تصريحهم به ولذا عداه بالباء والمعروف تعديه وهلى وقوله صرفت أنثه باعتبار الأمور المذكورة وترك قول الزمخشري إنّ إسناد يضل مجازي إلى السبب لابتنائه على الاعتزال مع ما يرد عليه من أنّ التصريح بالسبب في قوله به يأباه إلا أن ومال إنه تعالى تسبب بضربه المثل تسببا قريبا مع ما فيه مما يعلم من شرح الفاضل التفتازاني اقوله: وقرئ يضل على البناء للمفعول أي في هذا وفيما تقدم وكذا قرئ يهدي أيضا وكان مليه أن يذكره لئلا يرد عليه ما قيل: من أنه لم يوف هذه القراءة حقها وان قيل إنه سكت عنه احلمه بالقرينة فتأمل. قوله: (صفة للفاسقين) وجوز فيه القطع وأن يكون مبتدأ خبره جملة ا، لنك، ووجه تقريره للفسق أنّ الخروج عن العهدة خروج عن الإيمان وأصل معنى النقض لقون في الحبل ونقيضه الإبرام وفي الحائط ونحوه، ونقيضه البناء وظاهر كلام الراغب أنه في العقد والعهد حقيقة فلعله ملحق بالحقيقة لثيوعه فيه، وقد جوّز في قول الزمخشري من أين ساغ استعمال النقض في إبطال العهد أن يكون شاع بالشين المعجمة وعين مهملة وأن يكون
بسين مهملة وغين معجمة، والطاقات جمع طاقة وهي ما ينعطف بعضه على بعض من بناء أو جيل وقوله: واستعماله الخ في الكشاف، فإن قلت من أين ساغ استعمال النقض في إبطال العهد قلت: من حيث تسميتهم العهد بالحبل على سبيل الاستعارة لما فيه من ثبات الوصلة بين المتعاهدين