كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
استعارة مكنية اللهم إلا أن يكون من قبيل فأذاقها الله لباس الجوع والخوف فتأمّله فإنهم سكتوا عنه.
قوله: (الضمير للعهد الخ) الميثاق مفعال وهذا الوزن في الصفات كثير مصرح به في
النحو كمنحار ومعطاء لكثير النحر والعطاء ويكون مصدراً أيضا عند الزمخشري وأبي البقاء كميلاد وميعاد بمعنى الولادة والوعد وأنكره بعض النحاة حتى إنّ ابن عقيل وابن عطية أوّلاً قول الزمخشريّ بأنه واقع موقع المصدر كعطاء بمعنى إعطاء، ويكون اسم آلة كمضراب ومرقاة مرآة ومحراث وهذا لم يذكره النحاة أيضا لكنه وقع ألفاظ منه مستعملة لذلك وهو قريب لأن مفعل بالكسر من أوزانها فكأنه إشباع له ولا مانع منه وقد حمله عليه هنا بعض أرباب الحواشي، وفي الكشاف الضمير في ميثاقه للعهد وهو ما وثقوا به عهداً لله من قبوله وإلزامه أنفسهم ويجوز أن يكون بمعنى توثقه كما أن الميلاد والميعاد بمعنى الوعد والولادة ويجوز أن يرجع الضمير إلى الله أي من بعد توثقته عليهم أو من بعد ما وثق به عهده من آياته وكتبه وانذار رسله، وفي الكشف فإن قيل: قد فسر العهد بالموث وهو والميثاق واحد ولهذا فسر موثقا من الله بما أوثق به من الله تعالى فإن رجع الضمير إلى العهد كان المعنى من بعد ميثاق الميثاق وهو غير ظاهر، أجيب بأنّ العهد لما فسر بما ركز في العقول أو ما أخذ الله عليهم من التصديق صار بمعنى المعاهد عليه فجاز أن يضاف إليه الميثاق وهو ما يقع به الوثاقة من التزامهم القبول على أنّ ميثاق الميثاق غير ممتنع فإنه تأكيد له وذلك أنّ ما ركز في عقولهم من الحجج على وجوده وقدرته وحكمته وجوده ميثاق وتأييده بالحجج السميعة وارسال الرسل ميثاق الميثاق ثم الأولى أن يرجع الضمير إلى الله تعالى (أقول (كونه أولى ظاهر إذ ليس فيه إضافة الشيء إلى نفسه المحتاج إلى التأويل المذكور وقد خفي على بعضهم ولم يلتفت إلى عود الضمير إلى المضاف إليه وهو خلاف الفصيح المعروف لأنه إنما هو في كير الإضافة اللفظية وأمّا فيها فمطرد كثير وما نحن فيه كذلك لأنه مصدر أو مؤوّل بمشتق كما أشار إليه فيكون كقولك أعجبني ضرب زيد وهو قائم ووجهه أنها في نية الانفصال فالمعترض لم يفهم كلامه. قوله: (وما وثق الله به عهده) أخر الزمخشري هذا الوجه قيل: لأن الثاني أبلغ في الذم وهو المراد من قوله ينقضون عهد الله على ما صرّح به نفسه فإن نقضهم العهد الذي أحكموه بالقبول والالتزام أشنع من نقغهحهم العهد الذي لم يحكموه ولكن أحكمه الله ثم الوجه الثالث لأن الأحكام وان كان مطلقاً لكن المقام يعين ما حاشية الشهاب / ج 2 / م اا
هو اللائق له وقوله بمعنى المصدر ومن للابتداء مرّ الكلام فيه. قوله: (يحتمل كل قطيعة لا يرضاها الله سبحانه وتعالى الخ) حمله المصنف على العموم والزمخشري خصه فقال معناه قطعهم الأرحام وموالاة المؤمنين، وقيل قطعهم ما يين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الوصلة والاتحاد والاجتماع على الحق في إيمانهم ببعض وكفرهم ببعض وقد رجح الوجه الأوّل من وجهي التخصيص بأنّ الظاهر أنه توصيف للفاسقين بأنهم يضيعون حق خلق الله بعد وصفهم بتضييع حق الله تعالى وتضييع حقه تعالى بنقض عهده وتضييع حق خلقه بقطعهم أرحامهم وقيل: إخه لا منافاة بين كلام المصنف رحمه الله تعالى والكشاف لأن قوله: {الَّذِينَ يَنقُضُونَ} متصل بقوله: {إِلاَّ الْفَاسِقِينَ} وهو إما مظهر وضع موضع المضمر وهم الطاعنون في التمثيلات التنزيلية وحينئذ لا يخلو إما أن يراد بهم المشركون فالمراد بقطع الأرحام عداوتهم لرسول الله يتت! هـ وامّا أن يراد بهم أهل الكتاب فالمراد قطعهم ما بين الأنبياء عليهم الصحلاة والسلام من الوصلة لإيمانهم ببعض وكفرهم ببعض وأما عام في جميع الفسقة فحينئذ يحمل على ما قاله القاضي رحمه الله ويدخل فيه أحد الفريقين على البدل دخولأ أولياً بشهادة سياق الكلام انتهى وفيه نظر، وقوله وترك الجماعات المفروضة كالجمعات لأنها سبب للألفة بين المؤمنين التي من الله بها في قوله: {لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [سورة الأنفال، الآية: 63] وقوله: فإنه يقطع الخ تعليل لقوله وسائر الخ فإنه يشمل الشر والرفض المتعلق بالفاعل في نفسه كتركه الصلاة ولا قطع فيه ظاهر، وهذا مع ظهوره تردّد في معناه بعضهم، وفي القطع