كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
والكشاف لاندراجه في الإفساد كما يعلم من تفسيره، وعبر بالاستبدال في الإنكار والطعن وبالاشتراء في النقض والفساد للتفنن وقيل: لأنّ الاستبدال فيه مبالغة لتركهم ما في أيديهم، إلى غرة ليست في الاشتراء لأنه يعبر به عن الرغبة، وفيه نظر. قوله: (استخبار فيه إنكار وتعجيب الخ) ألاستخبار طلب الخبر بالجواب كما أنّ الاستفهام طلب الفهم منه، والفرق بينهما أنّ الاستخبار لا يقتضي عدم العلم بخلاف الاستفهام فلذا يستعمل الأوّل في حقه تعالى وان كان كل منهما قد يستعمل بمعنى الآخر فإن قلت الاستخبار لا يخلو من أن يكون معنى حقيقياً لصيغة الاستفهام أو مجازياً، والإنكار والمتعجب والتعجيب من معانيه المجازية فعلى الأؤل يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز وعلى الثاني يلزم الجمع بين معنيين مجازيين وكلاهما مما يمتنع، ولذا قيل: الأولى أن يقولي استخبار بمعنى التوبيخ والتعجيب إذ ليس هو في الحقيقة استخبار (قلت) ذكر سيبويه أن أرأيت بمعنى أخبرني وقالوا قاطبة في باب التعليق أنه معنى مجازي فدلالته على التعجب ونحوه إمّا تجوّز على تجوّز لشهرة الاستفهام في معنى الاستخبار حتى كأنه حقيقة فيه وإن كان في أرأيت أشهر أو أنّ! لالته على ذلك بطريق الاستتباع واللزوم لا من حاق اللفظ فلا محذور فيه، والقائل غفل عن قوله والمعنى أخبروني ولا مانع من اذعاء الحقيقة فيه، وتعجيب وقع في نسخة موافقا لما في الكشاف وفي أخرى تعجب قيل: والأولى أولى لما في التيسير أن كيف تكون للتعجب نحو انظر كيف يفترون على الله أي تعجب يا محمد وللتعجيب أي الحمل على التعجب كما هنا ومنهم من فسر التعجب هنا بمعنى أنه يتعجب منه كل عاقل يطاء عليه والا فحقيقته محالة عليه تعالى ولا يخفى أن التعجب إذا أطلق عليه تعالى كما في حديث " عجب ربكم " يكون بمعنى الاستعظام كما صرح به في الكشاف في غير هذا المحل لأن العجب روعة
تعتري الإنسان عند استعظام الشيء وهو محال عليه تعالى فيراد به غايته والإنكار بمعنى أنه كان الواجب أن لا يكون وقد يكون بمعنى أنه لا يكون وكلام الكشاف مشعر بأنه بالمعنى الثاني: ولكن مراده أنه لا ينبغي أن يكون بل ينبغي أن لا يكون لقوّة الصارف عنه كما لا تكون المحالات لاستحالتها في أنفسها، ولهذا اً ضاف إلى الإنكار التعجيب كما فعل المصنف رحمه الله والعجب لا يكون إلا مما وقع فمع ذكره لم يبق في كلامه احتمال آخر لكنه شدد في إنكاره فلا عبرة بتوهم خلافه. قوله: (بإنكار الحال التي يقع عليها على الطريق البرهاني الخ) في الكشاف بعدما ذكر أنه للأنكار والتعجيب حال الشيء تابعة لذاته فإذا امتنع ثبوت الذات تبعه امتناع ثبوت الحال فكان إنكار حال الكفر لأنها تتبع ذات الكفر ورديفها إنكار الذات الكفر وثباتها على طريق الكناية وذلك أقوى لإنكار الكفر وأبلغ، وتحريره أنه إذا أنكر أن يكون لكفرهم حال يوجد عليها وقد علم أنّ كل موجود لا ينفك من حال وصفة عند وجوده ومحال أن يوجد بغير صفة من الصفات كان إنكاراً لوجوده على الطريق البرهان أص. وفي المفتاح {كَيْفَ تَكْفُرُونَ} الخ المعنى التعجب ووجه تحقيق ذلك هر أنّ الكفار في حالى صدور الكفر عنهم لا بدّ أن يكونوا على إحدى الحالين إمّا عالمين بالته دمامّا جاهلين به فلا ثالثة فإذا قيل لهم: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} وقد علمت أنّ كيف للسؤال عن الكفر وللكفر مزيد اختصاص بالعلم بالصانع وبالجهل به انساق إلى ذلك فأفاد اً في حال العلم بالله تكفرون أم في حال الجهل به ثم إذا قيل {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} [سورة البقرة، الآية: 28] وصار المعنى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} والحال حال علم بهذه القصة وهي أن {كُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ} الخ صير الكفر أبعد شيء عن العاقل فصار وجوده منه مظنة التعجب ووجه بعده هو أن هذه الحالة لابى أن لا يكون للعاقل علم بأنّ له صانعا قادراً عالما حيا سميعاً بصيراً موجوداً غنيا في حميع ذلك عن سواه قديماً غير جسم ولا عرض حكيما خالقا منعما مرسلا للرسل باعثأ مثيبأ معاقباً وعلمه بأن له هذا أنصانع يأبى أن يكفر، وصدور المعل عن القادر مع الصارف القري مظنة تعجب وتعجيب وانكار وتوبيخ فصح أن يكون قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ} الخ تعجباً وتعجيباً وتوبيخأ وانكاراً اهـ. والحاص!! أنّ كيف للسؤال عن الحال على طريق