كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

تآليف مستقلة والكلام فيها كثير اكتفينا منه هنا بهذا القدر. قوله: (وإزاحة لما يختلج في صدورهم الخ) أشار بقوله يختلج إلى ضعفه لأن الاختلاح حركة ضعيفة وقوله واتصلت بما يثاكلها يعني عناصرها الأصلية لها، وقوله تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [سورة يس، الآية: 79] فإنّ فيها ذكر عموم العلم لإثبات المعاد، وقوله مبنية في نسخة مبتنية أي مترتبة عليها وهذا وجه آخر للارتباط وقوله قابلة للجمع أي على أصل من قال إق الإعدام تفريق الأجزاء لا إفناؤها وتعاقب الاجتماع والافتراق والموت والحياة مبنيّ على شمول الموت للعدم الأوّل فلا يرد عليه أنه لا تعاقب بينها بل تعقيب الاجتماع بالافتراق وتعقيب الحياة بالموت بدون العكس كما قيل، وكون القبول ذاتيا هو المتبادر وأمّا احتمال اشتراطه بشيء آخر فلا دليل عليه، وقوله: فإنه عالم يصح فيه الكسر والفتح بتقدير فهي أنه وسد الحاجة بالفتح بما يحتاجون إليه، وفي قوله: جلت بمعنى عظمت ودقت بمعنى أنها دقيقة طباق بديعي وتسكين وهو بعد حرف العطف لغة لأنه معها يشبه كلمة واحدة مضمومة العين فيجوز تسكينها للتخفيف كما يقال: عضد وعضد وهو مطرد فيهما. قوله: (تعداد لنعمة ثالثة الخ) الأولى نعمة الإيجاد و! باس الحياة والثانية خلق ما في الأرض من النعم واللذات والطاعات والعبادات، والثالثة خلق أبينا وتكريمه بما جعله هو وذريته أفضل من الملائكة وجميع المخلوقات، وقوله: واذ ظرف الخ المراد بالنسبة الأولى نسبة الجملة المضاف إليها
وبالثانية نسبة العامل الذي تعلقت به ولذلك لزم إضافتها للجمل كما أنّ حيث في ظروف المكان كذلك فلذا لزم إضافتها للجمل الأعلى سبيل الشذوذ ولافتقارها للجملة المضاف إليها أشبهت الموصول المفتقر لجملة الصلة فتشابها وان كان في إذ علة أخرى وهي الشبه الوضعي لوضعها على حرفين وقوله واستعملتا للتعليل والمجازاة أي أصك وضعهما للظرفية ولكن قد تستعملان لذلك واتفقوا على أنه لف ونشر مرتب وأنّ التعليل را- جع لإذ والمجازاة لاذا لأنه العروف إذ لم ترد إذ للتعليل واذ للشرط أما العكس فمقرر لأن إذ وردت له كثيراً كقوله تعالى: {وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} اسورة الزخرف، الآية: 39] أي لأجل ظلمكم إذ ليس زمان الظلم زمان الاشتراك وهل هو معنى حقيقي لها أو مستفاد من المقام قولان مفصلان في العربية، وكذا ورود إذا شرطية كثير لكن لا يجزم بها في السعه، ولك أن تجعله راجعا لهما معاً لأن إذا وحيث بل سائر الظروف تستعمل للتعليل عند الزمخشريّ لاستواء مؤدّي التعليل والظرف في قولك ضربته لإساءته وضربته إذا أساء لأنك إذا ضربته في وقت إساءته فإنما ضربته فيه لوجود إساءته فيه فأجرى مجرى التعليل كما أشار إليه الزمخشريّ في سورة محمد وارتضاه شراح المفتاح وكذا إذ نستعمل شرطية مع زيادة ما معها وهي جازمة ونقل في همع الهوامع أنها تكون شرطية بدون ما أيضا فقال ولا يجازي ولا يجزم بحيث واذ مجردتين من ما وأجازه الفراء قياسا على إن وأخواتها وردّ بأنه لم يسمع فيهما إلا مقرونتين بما انتهى. فكأنه نسيه هنا فقال: هنا هو لف ونشر فإن إذ هي التي تستعمل للتعليل وإذا هي التي تستعمل للمجازاة ولا يعرف وجود إذ للمجازاة ولا إذا للتعليل وقد سألني الخطيب عند كتابته على هذا المحل فأجبته بذلك انتهى ووقع في عبارة المفتاح إذ شرطية وخرجها عليها الشارحان المحققان فاحفظه فإنه من النوادر. قوله: (وبنيتا تشبيهاً بالموصولات الخ) هذا أحد مذهبين للنحاة في مثله قال السيرافيئ في شرح الكتاب إذ مبنية على السكون والذي أوجب بناءها أنها تقع على الأزمنة الماضية كلها وهي محتاجة إلى الإيضاح فصارت بمنزلة الذي المحتاجة إلى الصلة انتهى، وهذا بناء على أنّ علة البناء لا تنحصر في شبه الحرف بل تكون لمشابهة غيره من المبنيات واليه ذهب الزمخشريّ وابن الحاجب كما فصله في الأشباه النحوية ومن غفل عنه رده. قوله: (ومحلهما النصب أبدا بالظرفية الخ (هذا مدّهب لبعض النحاة وفي المغني أنّ لها أربعة استعمالات أحدها أن تكون ظرفا وهو الغالب، والثاني أن تكون مفعولاً به نحو قوله تعالى: {وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ} [سورة الأعراف، الآية: 86، والغالب في أوائل الآيات من التنزيل ذلك بتقدير اذكر، وبعض المعربين يقول فيه إنه ظرف لا ذكر

الصفحة 117