كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
محذوفاً وهو وهم
فاحش لاقتضائه أنّ الأمر بالذكر في ذلك الوقت وليس كذلك بل المعنى اذكر الوقت نفسه، رالثالث أن تكون بدلاً من المفعول نحو واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت والرابع أن يكون مضافا إليها اسم زمان نحو يومئذ وبعد إذ هديتنا وزعم الجمهور أنها لا تقع إلا ظرفا إو مضافا إليها، وأما إذا فالجه طور على أنها لا تخرج عن الظرفية وجوّز بعض النحاة جرّهأ بحتى ووقوعها مبتدأ وخبراً ومفعولىلآ وبدلاً من مجرور انتهى. (وههنا بحثان) الأوّل أنّ قول المصنف رحمه الله ومحلهما النصب أبدا لا يوافق مذهبا من المذاهب لأنها تكون في محل جرّ في نحو يرمئذ كثيراً بالاتفاق وكذا تعليلية فإنّ الظروف الغير المتصرفة يدخل عليها بعض حروف الجرّ والممتنع فيها النصب على المفعولية، والرفع في هذه على الفاعلية ممنوع بالاتفاق ولا وجه للتردّد في وجهه لأنّ المفعول شبيه بالظرف لكونه فضلة ولذا تنصب توسعا بالاتفاق أيضا، الثاني أنّ ما عده في المغني وهما فاحشا سلموه له وليس بوارد لأنّ الظرفية يكفي في صحتها ظرفية المفعول نحو رميت الصيد في الحرم كما سياتي في الأنعام وقوله لما ذكرناه هو أنه وضعت لزمان النسبة.
قوله: (وأما قوله تعالى {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ} الخ) جواب ما يرد عليه من أنه هنا بدل من المفعول ولا يصح أن يكون ظرفا لأن الذكر ليس في ذلك الوقت فأجاب بتقدير الحادث وهو ظرف له قائم مقامه في الدلالة على معناه لا أنه يحل محله حتى يلزم كونه مفعولاً به، ثم إنّ تقدير الحادث إما مضافا أي حادث أخي عاد وهو هود عليه الصلاة والسلام أو معطوفا أي وحادثه، ومنهم من دّره صفة لأخي عاد ولا يخفى ركاكته والظاهر تقدير أمر، ثم إق في كلامه نظرا لم ينهوا عليه لأنه إذا قدر حادث أو نحوه فهو العامل فيه لا أذكر فإن جعل عاملا باعتبار وقوع المفعول فيه كما مرّ لم يفد التقدير فائدة جديدة فتأمل، واستدل على تقديرا اذكر بأنه ورد مصرحا به في آيات كثيرة وأما تقدير بدأ خلقكم فقيل إنه غير محرر لأنّ ابتداء خلقناكم لم يكن وقت ذلك القول بل قبله وليس بوارد لأنه يعتبر وقتا ممتداً لا حين القول، ومعمر بفتح الميمين أبن المثنى وهو أبو عبيدة اللغوي النحوي كما صرّح به القرطبي رحمه الله لا المحدث وقوله هذا مردود في غاية الضعف عند النحاة وعلى تقدير بدأ وتعلقه بقالوا يكون معطوفا على صلة الذي وعلى تقدير أذكر يكون من عطف القصة على القصة أو عطف على بشر وما بينهما اعتراض! أو على أمر مقدر نحو تذكر هذه النعم واذكر الخ. قوله: (والملافكة جمع ملاك على
الأصل كالشمائل جمع شمأل) وهي ريح الشمال ولا خلاف في أنّ أصل ملك ملأك وقد جاء على الأصل في قوله:
وليست لانسيّ ولكن لملأك تنزل من جوّالسماءيصوب
وانما الخلاف في وزنه فقال ابن كيسان: وزنه فعأل والهمزة زائدة وهو من م ل ك، وماذته تدل على القوّة وبه يشعر تمثيل الزمخشريّ بشمأل وان احتمل أن يريد الشبه الصوري من غير نظر إلى زيادة وأصالة كما هو مراد المصنف رحمه الله بدليل ما سيصرج به من القلب وقوة الملك ظاهرة والمشهور أنّ ملأك مقلوب مألك وبه قال الكسائي: والليث الأزهري من الألوكة بمعنى الرسالة وأما الأك بمعنى أرسل فلم يشتهر فإن ثبت فهو أولى لسلامته من القلب ويكون مصدراً ميميا استعمل بمعنى المفعول أو جعل موضع الرسالة مبالغة وقد كثر في الاستعمال ألكني بمعنى أرسلني، وقال ابن الأنباري رحمه الله أصله ألئكني فحوّلت كسرة الهمزة إلى اللام وحذفت لالتقاء الساكنين وقد نقله الأزهري رحمه الله أيضا وإذا ثبت الأك ففيه غنيمة عن ثبوت لأك فيؤخذ منه لا من الألوكة لأنّ كثرة استعماله تأبى حمله على القلب وعلم منه أنّ هذا القول ليس بضعيف كما توهم شارحو كلام ابن الحاجب وهو الذي ارتضاه المصنف رحمه الله ولذا جعله مقلوبا ولا ينافي هذا قوله على الأصل لأن أصله حينئذ مألك ولو جمع لقيل: ماكك كمآرب لكنه بعد القلب صار أصلاً ثانيا له، وتسميتهم رسلاً لإرسالهم إلى الأنبياء عليهم الصلاة