كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
والسلام بالذات والى الأمم الواسطة وتأنيث الجمع لأنه بمعنى الجماعة. قوله: (واختلف الناص في حقيقتهم الخ) مذصب الملبين أنهم أجسام لطيفة نورانية قابلة للتشكل لأنّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانوا يرونهم في صور مختلفة وأما قول النصارى فيرده هذه الآية لأنها قبل خلق البشر والحكماء قالوا: إنها مجرّدات عن النفوس البشرية وهي العقول العشرة والنفوس الفلكية التي تحرك الأفلاك وقوله منقسمة راجع إلى القول الأوّل بقرينة أنّ الحكماء لا يقولون بهذا ولا عبرة بقول النصارى فإنه باطل والملائكة المقربون هم الكروبيون، وقوله والمقول لهم أي في هذه الآية جميع الملائكة لعموم اللفظ وعدم المخصص وقيل: القرينة
على تخصيص ملائكة الأرض كونهم مجعولين خليفة فيها وقوله فبعث عليهم ضمن معنى سلط فلذا تعدى بعلى وفي نسخة إليهم. قوله: (وجاعل من جعل الذي له مفعولان الخ) بين معناه ومصحح عمله من كونه مستقبلاً معتمدا على ما هو معروف في النحو وإذا كان بمعنى خالق فله مفعول واحد وفي الأرض ظرف متعلق به، قيل معناه حينئذ بعداً اللتيا والتي إني جاعل خليفة ص ق الخلائف أو خليفة بعيته كائنا في الأرض فإنّ خبر صار في الحقيقة هو الكون المقدر العامل في الظرف ولا ريب في أنّ ذلك ليس مما يقتضيه المقام وأنما الذي يقتضيه هو الإخبار بجعل ادم خليفة فيها كما يعربءضه جواب الملائكة فإذا قوله تعالى: خليفة مفعول ثان والظرف متعلق بجاعل قدم على المفعول الصريح للتشويق إلى ما أخر أو بمحذوف وقع حالاً مما بعده لكونه نكرة وأما المفعول الأوّل فمحذوف تعويلاَ على القرينة الدالة عليه كما في قوله تعالى: {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً} [سورة النساء، الآية: 5] ولا ريب في تحقق القرينة هنا أما إن حمل على الحذف عند وقوع المحكي فهو واضح لوقوعه في أثناء ذكر الله له كاً نه قيل إني خالق بشرا من طين وجاعله خليفة في الأرض، وأما إن حمل على أنه لم يحذف هناك بل في الحكاية فالقرينة جواب الملائكة، وهذه قعقعة لا طائل تحتها كما هو دأبه فإنه على الوجه المرضي عند المحققين لا شك أنه إذا قيل للمستولي على محل إني مول عليه آخر أفاد تبديله بغيره فإن كان ذلك غير معلوما بالشخص على ما جوّز هو أن يكون المراد بالخليفة معيناًفلا معنى لجعل المستخلف كائنا في الأرض بدلهم إلا استخلافه فيها وإن لم لكن معيناً فقد أشاروا إلى جوابه بأنهم يعلمون أنّ العصمة من خواصهم فيطابقه الجواب من غير حذف وتتهدير ولم يجر لآدم ذكر إلى الآن فهل هذا إلا تعسف. قوله: (والخليفة من يخلف غيره الخ) إنما جعل الهاء فيه للمبالغة لإطلاقه على الواحد المذكر فلو جعلت الهاء للتأنيث لجاز لإطلاقه على الجماعة كما يقال: فرقة باغية، وضمير استخلفهم راجع إلى آدم ومن ذكر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا إلى كل حتى يقال: إنه جمع باعتبار المعنى، وقوله: لأنه كان خليفة الله الخ أي أوّل خليفة فلذا خص هنا، وقوله: لا لحاجة يعني ليس
استخلافه تعالى كاستخلاف غير. فإنّ شأن الغير أنه إنما يستخلف لغيبة أو عجز بل لقصور المستخلف عليه كالسلطان يأمر خاصته بتبليغ أوامره للعامة ويأمرهم تارة بالدّات وأخرى بالواسطة وهذه حكمة أنه لو جعل ملكا خليفة لكان رجلا وقوله بحيث يكاد زيتها الخ شبه قلوبهم بالمصباح وذواتهم بالمشكاة وما أوح فيهم من القوّة القدسية بزيت من شجرة مباركة {لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ} تضيء من غير نار لشدة لمعانه ثم أوضح ذلك بالغضروف وهو مضموم الأوّل والثالث والثاني معجم وهو عضو مفرد ليس صلابة العظم لكته أصلب من باقي الأعضاء اللينة قال الأطباء: المنفعة في خلقه أن يحسن اتصمال العظام بالأعضاء اللينة بأن يتوسط بينهما فلا يكون الصلب واللين قد تركبا بلا وأسطة فيتأذى اللين بالصلب خصوصاً عند الضربة والسقطة والمصنف ذكر أنه لإمداده وهو أمر ظاهر، وقوله أو هو وذرّيته الخ في جعل مضر وهاشم مما استغنى به فيه نظر. قال القرافي قد ينقل العلم الموضوع لمعين إلى ما لا يتناهى من ذرّيتة كربيعة ومضر وقيس انتهى فليس من الاستغناء بل هو منقول للجملة إلا أن يقال: في الأول كان كذلك ثم غلب في الاستعمال حتى صار حقيؤة وحينئذ لا يكون فيه نقل إلا بحسب التقدير ولذا قيل: بينهما فرق لأنّ مضر وهاشماً، سما قبيلة بخلاف الخليفة، ورد بأنهما من الإعلام الغالبة والتمثيل بالنظر إلى أصل الاستعمال قبل الغلبة فلا إشكال وكان المجيب لم يفهم الاعتراض فإنّ محصله أنّ علم أبي القبيلة يطلق عليهم، وهذا ليس