كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

يعلم بل وصف ونظيره ما سيأتي من إطلاق فرعون على قومه، واعترض عليه بأنه ليس أبا لهم فلا يطلق كإطلاق القبائل فكان ينبغي أن يقول: إنه ليس بشرط لوجود العلاقة فتأمل وفي الكشف أنه استشهاد لأنّ ما نحن فيه ليس من ذلك القبيل لأنّ آدم جاز أن يعبر به عن الكل لا وضعه الدال عليه والمعنى كما أن الاستغناء هنالك لأن أبا القبيلة أصلهم الجامع كذلك هم ورثوا الخلافة منه فخلافته الأصل الجامع اهـ. وقوله أو على تأويل من يخلفكم أي بلفظ عام شامل للقليل والكثير، ويعلم من قوله السابق أعلى رتبة أنّ موسى عليه الصلاة والسلام أفضل الأنبياء بعد نبينا عليه الصلاة والسلام وقد تردد بعضهم في تفضيله على إبراهيم عليه الصلاة والسلام ويكفي لتخصيصه على سائر التوجيهات أوّليته فيها، وعلى القول بشمول الخليفة لذرّيته يظهر قول الملائكة من يفسد بلا تأويل وعلى غيره لأنه منشؤهم وأصلهم وقوله أو خلقا يخلفكم خلق
بالخاء المعجمة والقاف وجوّز فيه أيضاً الفاء وقوله بأن بشر بوجوده الخ قيل: عليه ليس هذا مقام البشارة لأنه ليس بسارّ عليهم نظرا إليهم على ما يفصح عنه قوله ونحن نسبح بحمدك وتأويله بالإخبار يأباه سببية تعظيم المجعول فتأمل وقوله: واظهار فضله الراجح. قيل: هو أص كأ من قول الزمخشري صيانة لهم عن اعتراض! الشبهة في وقت استخلافهم لأنّ ذلك ليس من شأنهم سؤالهم إنما هو للتعجب كما سيأتي. وفيه نظر لأنه سيذكره بعينه وعلى هذه الوجوه إن كانت الملائكة ملائكة الأرض فقولهم أتجعل الخ ظاهر، وإن كانت الجميع فالقائل إفا هم أيضا لأن سكان الأرض! مثلهم فيما ذكر أو بعضهم وأسند إلى الجميع كما يقال بنو فلان قتلوا قتيلاً والقائل بعضهم لأنّ ما وقع بينهم كأنه صدر من جميعهم. قوله: (تعجب من أن يستخلف الخ (إنص حمله على التعجب لأنّ الإنكار لا يليق بهم فصرف لما يليق وقد استدل به الحشوية على عدم عصمة الملائكة عليهم الصلاة والسلام فأشاروا إلى ردّه بهذا، وقيل: كان الظاهر المطابق لما قبله أتجعل فيها خليفة من يفسد وإنما عدلوا عنه صرفا للتعجب إلى جعل المفسد في الأرض مع قطع النظر عن كونه خليفة فكأنهم قالوا إنّ أصل جعلهم في الأرض مستبعد فأنى الخلافة ولدقة هذا المعنى وذهابه على الزمخشريّ والمصنف وغيره صرفوا التعجب إلى استخلافهم. (قلت) : ما ذكره المصنف وغيره هو معنى النظم ومقتضى ترتبه على ما قبله من غير ريبة وهو المراد على كل حال وما ذكره القائل نكتة للعدول في التعبير عن مقتضى الظاهر لا تنافيه، وقد أشار المصنف إلى تنبهه لهذه النكتة بقوله فيما سيأتي لا تقتضي الحكمة إيجاد. فضلاً عن استخلافه، وقيل: أيضاً إنّ هذا ينافي كونه تعليما للمشاورة لأنّ مقتضاه أن يكون ألاستفسار والاستخباو مطلوبا منهم، ويكونوا مأذونين في السؤال والجواب فيناسب مقابلتهم
بالاستفسار لا التعجب وليس بوارد لأنّ قوله وليس باعتراض يبين أنّ الممنوع فيه الاعتراض والاستفسار والتعجب لا ينافيه فتأمل ثم إنه ليس مشاورة لأنه تعالى غنيّ عن العالمين لكن تلك المعاملة ترشد للمشاورة لشبهها بها وكذا ترشد ل! خبار بما من شأنه أن يسرّ، فسقط الاعتراض على البشارة السابق أيضا وقوله: أو يستخلف مكان أهل الطاعة الخ الطاعة تستفاد من قوله: ونحن نسبح بحمدك الخ كما أنّ المعصحية من سفك الدم والاستكشاف طلب الكشف، وبهر بمعنى غلب وألغاه جعله لغواً. قوله: (وليس باعتراض على الله الخ) عطف على تعجب وعلى وجه الغيبة أي طريقها في الذم وإن لم تكن غيبة حقيقية وهو حرم ومكرمون أي معصومون وقوله: وإنما عرفوا ذلك إشارة إلى ما روي عن السدى رحمه الله تعالى إن الله تعالى لما قال لهم ذلك قالوا وما يكون من ذلك الخليفة قال يكون له ذرّية يفسدون في الأرض ويقتل بعضهم بعضا. وهذا أسلم الوجوه ولذلك قدمه فإنّ اطلاعهم على ذلك من اللوح يرد عليه أن في اللوح أيضا شرف بني آدم وحكمة خلقهم فلو أخذوه منه فلم يبق شبهة د إن كان مدفوعاً بأن الله منعهم عن النظر إلى جميع ما فيه فإنهم لا يفعلون إلا ما يؤمرون وكذا الاستنباط لا يمنع عرق الشبهة فإنه يقال: كيف أرتكز في عقولهم فإن قيل: بأن أخبرهم الله به أو رأوه في اللوح رجع إلى الأوّل وان قيل: بأن خلق

الصفحة 120