كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
اليهود بأنّ حرصهم هذا يدل على خلاف مدّعاهم. قوله: (ويجوز أن يراد وأحرص من الذين الخ) يعني حذف أفعل المعطوف على الأوّل ودل عليه بذكر متعلقه، والوجه الثالث أن يكون الجارّ والمجرور خبراً مقدما لمبتدأ محذوف وجملة يودّ صفته الموصوف إذا كان بعض اسم مجرور بمن أوفى مقدم عليه حذف نحو منا ظعن ومنا أقام أي فريق ظعن وفريق أقام وعلى الأوّل المراد بالذين أشركوا المشركون المعروفون غير اليهود وقيل: هم المجوس، وعلى الثالث اليهود لأنهم مشركون لقولهم عزير ابن الله وإنما فسره به ليرتبط الكلام بعضه ببعض والجملة على هذا في محل رفع صفة المبتدأوعلى ما قبله مستأنفة لا محل لها من الإعراب وأما القول بأنّ من الذين مبتدأ لتأويله ببعض الذين فقد علم حاله مما مر. قوله: (حكاية لودا تهم ولو بمعنى ليت) أي حكاية لها بيود لأنه وان لم يكن قولاً ولا في معناه لكنه فعل قلبيّ يصدر عنه الأقوال فعومل معاملتها وكان الظاهر أن يعمر وهذا بناء على أنّ لو التي للتمني ليست مصدرية، وأمّا على القول بأنها مصدرية فلا يحتاج إلى اعتبار الحكاية وكونها للتمني مذهب ذهب إليه الزمخشريّ، وقيل: هي لو الشرطية أشربت معنى التمني وقال ابن مالك رحمه الله هي المصدرية، وقال: قول الزمخشريّ قد تجيء في معنى التمني نحو لو تأتيني فتحدّثني بالنصب إن أراد أنّ الأصل وددت لو تأتيني الخ. فحذف فعل التمني لدلالة لو عليه فأشبهت ليت في الأشعار بمعنى التمني فصحيح وان أراد أنها حرف وضع للتمني كليت فممنوع، وقوله: لقوله يودّ أي هو لمشاكلة ذلك ومنه تعلم أنّ التجوّز في المشاكلة قد يكون في الهيئة فقط وقد مر نظيره. قوله: (كقولك حلف بالله ليفعلق) كان الأصل لأفعلن لكن لما كان حلف ماضياً جاء ما بعده على نهجه قال! في البديع: اعلم أنك إذا أخبرت عن يمين حلف بها فلك فيه ثلاثة أوجه، أحدها أن يكون بلفظ الغائب كأنك تخبر عن شيء كأن تقول استحلفته
ليقومن والثاني أن تأني بلفظ الحاضر تريد اللفظ الذي قيل له: استحلفته لتقومن كأنك قلت له لتقومق، والثالث أن تأتي بلفظ المتكلم فتقول استحلفته لأقومن ومنه قوله تعالى: {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} بالنون والتاء والياء ولو كان تقاسموا أمرا لم يجز فيه الياء لأنه ليس بغائب اص. قوله: (الضمير لأحدهم الخ) يعني ضمير هو راجع لأحدهم وبمزحزحه خبره في محل نصب إن كانت ما حجازية وفي محل رفع إن كانت تميمية والباء زائدة في الخبر وأن يعمر فاعل اسم الفاعل أو راجع للتعمير المفهوم من يعمر وأن يعمر بدل منه وفيه ضعف للفصل بين. البدل والمبدل وللإبدال من غير حاجة إليه، وهذا معنى قوله أو لما الخ أو يكون ضمير التعمير وهو عائد على أن يعمر البدل وفي مثله يعود الضمير على المتأخير لفظا ورتبة، وهو معنى قوله أو مبهم الخ والفرق بين هذا الوجه والذي قبله أنّ ذاك مفسره شيء متقدم مفهوم من الفعل وهذا مفسر بالبدل وفيه خلاف تقدم وقد جوّز فيه أن يكون ضمير فصل قدم مع الخبر وأن يكون ضمير الثأن وأن يعمر مبتدأ و {بِمُزَحْزِحِهِ} خبره وفي زيادة الباء في مثله كلام أو فاعل بناء على جواز تفسير ضمير الشأن بمفرد وهو مذهب الكوفيين قال السيرافي في شرح الكتاب: كان الفراء يجيز أبذاهب الزيدان وأهل البصرة لا يجيزونه ودخول الباء على كل خبر منفيّ مطرد ومن أصحابنا من لا يجيز ألبتة ما هو بذاهب زيد إذا جعل ضمير الأمر لأنه إنما يفسر بجملة ولا يكون في ابتدائها الباء فاحتج عليه بقوله تعالى: {وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ} [صورة البقرة، الآية: 96] وأن يعمر بدل منه أو هو ضمير التعمير الذي تقدّم عليه الفعل اهـ. قوله: (وأصل سنة سنوة الخ الام سنة محذوفة فقيل: أصلها هاء وقيل: واو لأنه سمع في جمعه سنهات وسنوات وسنيهة وسنية وسانيت وسانهت وقوله: والزحزحة التبعيد فهو متعد، وقال السمين: استعملته العرب لازما ومتعديا. قوله: (فيجازيهم) يعني أنّ معنى إبصاره تعالى مجازاتهم بالتعذيب ما تقول لمن يعصي قد رأيت ما صنعت لتهديده وتخويفه. قوله: (نزل في عبد الله بن صوريا الخ) قال العراقي: لم أقف على سند وأورده الثعلبيّ والبغوي والواحديّ في أسباب النزول بلا سند، وعبد الله بن صوريا كيوريا من أحبار اليهود قيل إنه أسلم ثم كفر