كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
فلذا أضرب عنه فهو إما انتقاليّ أو إبطاليّ وعلى الثاني المراد بالأكثر ما يشمل غير النابذين، وقوله: كالقرآن يشمل الإنجيل وفي نسخة وهو القرآن خص بالذكر لمناسبة الواقع في هذا المقام والنسخة الأولى أولى وجعل نبذ بعض التوراة نبذاً لها وهو ظاهر، وإذا فسر كتاب الله بالقرآن ورد أنّ النبذ يقتضي تقدم الأخذ وهم لم يأخذوه أصلاً فأشار إلى دفعه في الكشاف بقوله: كتاب الله القرآن نبذوه بعدما لزمهم تلقيه بالقبول يعني أنّ النبذ وراء الظهر! تضي سابقة الأخذ في الجملة وهذا في حق التوراة ظاهر وإنما الخفاء في الترك، وفي حق الفرآن بالعكس أي تركه ظاهر وإنما الخفاء في أخذه فجعل أخذ. هو لزوم التلقي بالقبول وترك التوراة هو الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم قيل: والمصنف رحمه الله أشار إلى دفعه بقوله: مثل لإعراضهم الخ يعنيان النبذ ليس حقيقة بل هو اسنعارة تمثيلية أربد به الإعراض فلا حاجة إلى أن يقال جعله لزوم التلقي الخ بل لا وجه ل وليس بشيء لأنه حينئذ تجوز بالنبذ عن عدم القبول اللازم له وهو ظاهر وأمّا التمثيل فلم ينص المصنف رحمه الله على أنه بالنبذ بل في قوله وراء ظهورهم وقد قال الزمخشريّ في تفسيره أيضاً وراء ظهورهم: مثل لتركهم واعراضهم عنه مثل بما يرمى به وراء الظهر استغناء عنه وقلة
التفات إليه اص. فهذا غافل عن معنى كلامهم فتأمّل، نعم لو جعل الجميع تمثيلا لكان له وجه، وقال الطيبيّ رحمه الله: شبه تركهم كتاب الله واعراضهم عنه بحالة شيء يرمي به وراء الظهر والجامع عدم الالتفات وقلة المبالاة ثم استعمل هنا ما كان مستعملا هناك وهو النبذ وراء الظهر فاذا حمل كتاب الله على التوراة كان كناية عن قلة مبالاتهم فقط لأنّ النبذ الحقيقي لم يكن منهم ولهذا قال بين أيديهم يقرؤونه الخ والحمل على القرآن لا ينافي حقيقة النبذ فهو كطويل النجاد. قوله: (أنه تعالى دل بالآيتين الخ) جل اليهود بمعنى معظمهم فإن أريد باليهود من كان منهم سواء ثبت على ذلك أو لا فهم أربع فرق كما قال المصنف رحمه الله وان أريد من لم يرجع عنها فهم ثلاث فرق كما قال الراغب فلا مخالفة بيته وبين المصنف رحمه الله كما توهم، وبقي منهم من لم ينبذها ولم يؤمن كالمعترفين بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم إلا أنهم خصوها بالعرب أو بغير بني إسرائيل وفرقة آمنوا بموسى صلى الله عليه وسلم وماتوا قبل نزول التورإة إذ لا يصدق عليهم ما ذكر وق! على ذلك. قوله: (عطف على نبذ الخ) هذا مما قاله بعض المعربين كأبي البقاء وليس بظاهر لأنه يقتضي كونها جواب أحا واتباعهم هدّا ليس مترتبا على مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم بل كان قبله فالأولى أن تكون معطوفة على جملة لما وقيل: إن مراده ولكن لما كانت الجملة هي الجواب والشرط قيد لها عبر به تسمحا، وقيل: إنها معطوفة على مجمويم ما قبلها عطف القصة وقيل: على اشربوا وما موصولة وعائدها محذوف أي تتلوه وقيل: نافية، وقال ابن العربيّ إنه غلط فاحش وتتلو بمعنى تلت الحكاية الحال الماضية وهو إمّا على من تلاه بمعنى قرأه أو تبعه واليهما أشاو المصنف وهو ظاهر وجوّز في الشياطين وجوهاً، وقوله قيل: الخ يؤيد الأوّل. قوله: (أي عهده الخ) في الكشاف أي على عهد ملكه وفي زمانه، يعني أنّ على بمعنى في وفي الكلام مضاف مقدر وفي الفرائد إنّ تتلوف ق معنى الإملاء فعدى بعلى، وقيل: ضمن معنى الإقراء والتسخير جعل الشيء مسخراً أي منقاداً ويراد به الاستعمال بغير أجر. قوله: (وعبر عن السحر بالكفر الخ) يعني أنّ كفر بمعنى سحر مجازا للزومه له وأمّ كونه كفراً فلظاهر الآية والأحاديث
كقوله عليه الصلاة والسلام: " من أتى كاهناً أو عرّافاً أو ساحراً فصدقه بما يقول فقد كفر " قال الجصاص رحمه الله اتفق السلف على وجوب قتل الساحر ونص بعضهم على كفره واختلف الفقهاء في حكمه فعن أبي حنيفة رحمه الله أنه يقتل ولا يستتاب والمرأة تحبس حتى تتركه فجعل حكمه حكم المرتد ولم يجعله الشافعيّ رضي الله عنه كافراً قال في الروضة يحرم فعل السحر بالإجماع وأمّا تعلمه وتعليمه ففيه ثلاثة أوجه، الصحيح الذي قطع به الجمهور أنهما حرامان، والثاني مكروهان، والثالث مباحان، ومن أراد تفصيل الكلام فيه فليراجع أحكام القرآن فكلام المصنف محل تأمّل وقد حمل على من أعتقد تأثيره فإنه كفر بلا خلاف وسقط ما قيل إنا لم نر خلافاً في كون العمل به