كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

كفراً وعده من الكبائر لا ينافيه لأن الشرك منها وإن كان أعظمها، وبما ذكرناه يعلم أنه غير مسلم وعصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام منه تعلم من " تبرئة سليمان عليه الصلاة والسلام منه " مع عدم الفارق ولكن إذا شذدت أعملت وإذا خففت ألغيت على ما تقرر في النحو.
قوله: (إغواء وإضلالاً (هذا مأخوذ من إسناده إليهم وذمهم وأما تعليمه ليعرف فيجتنب
فلا يقتضي الكفر كما قال أبو نواس: عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه، ومن لا يعرف الشر من الناس يقع فيه، وقوله: والجملة حال الخ هذا أحد أقوال فيها وقيل إنها حال من الشياطين ورده أبو البقاء رحمه الله بأن لكن لا تعمل في الحال وفي الدر المصون أنه ليس بشيء لأنّ لكن فيها رائحة الفعل فتأمل. وضمير يعلمون عائد إليهم وأما إذا رجع إلى الذين اتبعوا فهي حال من فاعل الذين اتبعوا أو استئنافية والمراد بالتقرّب إلى الشيطان العزائم والرقي التي يقولون إنها تسخرها لهم وقوله: لا يستتمث أي يتم كما مر يعني لا يوجد إلا من النفوس الخاسرة الخبيثة فلا لبس بين السحر والمعجزة والكرامة كما استدل به من قال إنه لا
حقيقة له والصحيح خلافه وأمّا الحيل فكثيرة معلومة ومن أرادها فعليه بكتاب عيون الحقائق ولا تسمى سحراً حقيقة بل تجوزا لمشابهتها له لأنّ أصل معنى السحر في اللغة ما لطف وخفي سببه ولذا سمي الغذاء سحراً بالفتح لخفائه ولطف مجاريه ومنه سحور رمضان قال لبيد:
ونسحر بالطعام وبالشراب
وأمّا قوله: إنه غير مذموم فرذ بأنّ النووفي وغيره نصوا على تحريمه وما يقال: إنه غير مذموم مطلقا بل إذا فعل لأمر لا وجه له. قوله: (عطف على السحر الخ) إن كانا شيئاً واحداً فتغايره باعتبار من تلقى منه وان كان الثاني أتوى فإفراده بالذكر لقوته، وقوله: منه متعلق بأقوى أي أقوى من ذلك النوع الآخر وقيل: إنه صفة نوع لا متعلق بأقوى لفساد المعنى وليس بشيء، وإنما أنزل الملكان لكثرة السحر في ذلك الزمان حتى ظن الجهلة أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معجزاتهم من هذا القبيل فأنزلا لإبطال ذلك. قوله:) وما روي الخ (رواه سنيد بن داود عن الفرج بن فضالة عن معاوية بن صالح عن نافع قال سافرت مع ابن عمر رضي الله عنهما فلما كان آخر الليل قال: يا نافع انظر هل طلعت الحمراء قلت لا مرتين أو ثلاثا ئم قلت طلعت قال لأمر حبابها ولا أهلاً، قلت سبحان الله نجم سامع مطيع، قال ما قلت إلا ما سمعت من رسول الله-كي! ، أو قال: قال رسول الله ئلمج! ز: " إنّ الملائكة قالت يا رب كيف صبرت على بني آدم في الخطايا والذنوب؟ قال: إني ابتليتهم وعانيتهم قالوا: لو كنا مكانهم ما عصيناك قال: فاختاروا ملكين منكم فلم يألوا جهدأ أن يختاروا فاختاروا هاروت وماروت فنزلا فألقى الله عليهما الثبق، قلث: وما الشبق؟ قال: الشهوة، فجاءت امرأة يقال لها الزهرة فوقعت في قلوبهما فجعل كل واحد منهما يخفي عن صاحبه ما في نفسه، ثم قال أحدهما للآخر: هل وقع ني نفسك ما وقع في قلبي؟ قال: نعم، فطلباها لأنفسهما، فقالت: لا أمكنكما حتى تعلماني الاسم الذي تعرجان به إلى السماء وتهبطان فأبيا ثم سألاها أيضا، فأبث ففعلا فلما استطيرت طمسها الله كوكبا وقطع أجنحتها ثم سألا التوبة من ربهما فخيرهما وقال: إن شئتما عذبتكما قي الدنبا فإذا كان يوم القيامة رددتكما إلى ما كنتما عليه، فقال أحدهما لصاحبه أنّ عذاب الدنيا ينقطع ويزول فاختارا عذاب الدنيا على عذاب الآخرة فأوحى الله إليهما أن ائتيا بإبل فخسف بهما فهما منكوسان بين السماء
والأرض يعذبان إلى يوم القيامة " قال المحدثون وجميع رجاله غير موثوق بهم لكن قال خاتمة الحفاظ الشهاب ابن حجر أخرجه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه وانّ له طرقاً كثيرة جمعتها في جزء مفرد يكاد الواقف عليها يقطع بصحتها لكثرتها وقوّة مخارجها وقال بعضهم: بلغت طرقه نيفا وعشرين لكن أهل الكلام اتفقوا على عصمة الملائكة عليهم الصلاة والسلام وطعنوا في هذه القصة وعدوها من المحالات لمسخ الإنسان كوكباً كما بينوه في كتبهم والمصنف رحمه الله حاول التوفيق بأنها تمثيلات كقصة يسأل وسلامان وحرير مقطان وغيره ذلك مما وضعه المتقذمون إشارة إلى أنّ القوى لو ركبت في تلك لعصت وأسماء الله ومفاجأته تلحق

الصفحة 214