كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
مستلزم للحدوث لم لا يجوز أن يكون أمور قديمة متفاوتة فإنّ صض ته تعالى قديمة مع أنها متفاوتة في الأحكام لا يقال المعتزلة لم يقولوا بالصفات القديمة لأنا نقول عدم قولهم بذلك لا يضرنا مع أنهم يقولون بالمعنى بالصفات القديمة وأن نفوها بحسب الظاهر كما حقق في الكلام (بقي أنه لا حاجة إلى هذا) فإنهم يدّعون حدوث الألفاظ ونحن لا نخالفهم فيه ولا يثبتون الكلام النفسي فهذا إنما يحتاج إليه الحنابلة فتأمل.
قوله: (الخطاب للنبئ صلى الله عليه وسلم والمراد الخ) في الكشاف فهو يملك أموركم ويدبرها ويجريها حسبما يصلحكم وهو أعلم بما يتعبدكم به من ناسخ ومنسوخ وهو لا يتضح حق الاتضاح إلا بعد بيان أنّ الخطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم وهو في الحقيقة له ولأمته بدليل قوله: {وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} [سورة البقرة، الآية: 07 ا] فلذلك قدمه عليه كذا قيل، وفيه أنّ الخطاب عند صاحب الكشاف ليس للنبيّ صلى الله عليه وسلم وحده بل لكل واقف عليه على حد قوله: " بشر المشاثين " كما بينه شراحه ففي كلامه هذا إشارة إليه ولا حاجة إلى تقديم ما ذكر وسيأتي ما يرجحه والاستفهام حينئذ للتقرير وقوله ابن هثام في المغني: الأول أن يحمل على الإنكار التوبيخي أو
الإبطالي أي ألم تعلم أيها المنكر للنسخ مبنيّ على أنّ الخطاب لمنكري النسخ لا للنبيّ صلى الله عليه وسلم ولا للعموم فهو لم يصادف محزه، وقوله: يفعل ما يشاء أي من النسخ وغيره وإنما قال كالدليل لأن المالك للشيء يقدر على التصرّف فيه والدليل مبين للمدلول والمبين لا يعطف على المبين وكون هذا إنشاء وما ننسخ خبر مانع آخر أيضاً لعدم العطف، وأما كون أنّ الله على كل شيء قد يرد ليلاً أيضا فلا يضرّ في المقصود. قوله: (وإنما هو الذي يملك أموركم الخ) الحصر يستفاد من قوله دون الله لأنه بمعنى سوى الله، وقوله يملك الخ إشارة إلى أنّ الوليّ هنا بمعنى المالك والحاكم وما بعده تفسير للنصر وهو الناصر المعين إذ بالنصرة صلاج الأمور وانتظامها وأصل معنى الولاية الاتصال من غير تخلل شيء آخر أجنيّ بينهما ثم يستعار للقرب في المكان أو في النسب أو في الدين أو الصمداقة والنصرة كما حققه الراغب، وقوله: والفرق الخ يعني الوليّ بمعنى الوالي والمالك والنصير المعين، والمالك قد لا يقدر على النصرة أو قد يقدر ولا يفعل والمعين قد يكون مالكاً وقد لا يكون بل أجنبياً عنهم فالعموم والخصوص الوجهي ظاهر وبعض الناس توهم من قوله أجنبيا أنه فسر الوليّ بالقريب فاعترض عليه بأنه لا يليق هنا إذ لا يقال ليس فيهم قريب غير الله. توله: (أم معادلة للهمزة الخ) قد جوّزوا فيها الاتصال والانقطاع لكنهم رجحوا الثاني حتى قيل: ينبغي القطع بالقطع، فعلى الاتصال والمعادلة التي تكون بمعنى أيّ الأمرين المعنى ألم تعلموا أنه المالك المطلق الفاعل لما يريد أم تعلمون وتسألون رسوله عما لا ينبغي السؤال عنه كما سألوا موسى صلى الله عليه وسلم فقوله: أم تريدون الخ مؤوّل بأم تعلمون لأنه لا يقترح المقترحات الشاقة إلا بعد العلم بأنّ له ربا قادرا على إجابة سؤاله ولا يخفى ما في هذا من التكلف، وقد أورد عليه أنها كيف تكون معادلة للهمزة مع أنّ الذي دخل على تفسيره في فاعل تعلم غير داخل في فاعل أم تريدون ومثله لا يجري في المتعادلين ولو سلم صحته فلا يخفى بعده وكذا جعلهما متحدين لأنّ خطاب النبيّ صلى الله عليه وسلم فيما لا يخصه خطاب لأمته في الحقيقة، ووجه في الكشف الاتصال بأنّ ألم تعلم محمول على الثقة وأم تريدون الخ الدال على الاقتراح المنافي للثقة معادل له، كأنه قال: أتثقون بعد العلم بما
يوجب الوثوق أم لا تثقون وتقترحون كما اقترحت أسلاف اليهود وهو حمل على الثقة على سبيل المبالغة كما في قوله تعالى: {فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} [سورة المائدة، الآية: 91] وهذا كما تلخص للمسترشد طريقي الخير والشر وما فيهما من المصالح والمفاسد ثم تقول له أهذا تختار أم ذاك اهـ وهو كلام لطيف ومن هنا تبين أنّ عموم الخطاب لغير النبيّ صلى الله عليه وسلم الذي أشار إليه الزمخشريّ أولى فإن قلت على المعادلة لا يخلو إما أن تكون معادلة للهمزتين أو للثانية فقط والأوّل خلاف الظاهر والثاني أقرب لكن قول المصنف قادر على الأشياء يأباه، قلت المراد الثاني ونما كان الثاني دليلا للأوّل كما مرّ كان معناه ملاحظا فيه فتامّل قيل: وفي عبارة المصنف، رحمه الله إشارة إلى أنّ ما مصدرية في موقع المفعول المطلق كما في تفسير