كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
الحقوق وأستشهد له بقوله الذي وفى لأنّ التوفية أداء الحقوق وإذا رفع إبراهيم وكان الابتلاء بمعنى الطلب فضمير أتمهن لله بمعنى أجابه ويصح رجوعه زبراهيم عليه الصلاة والسلام بمعنى أنه أتئم ما دعا به وأدّاه على أتمّ الوجوه والأوّل أولى. قوله: (استئناف إن أضمرت ناصب إذ الخ) إضمار ناصبها هو تقدير أذكر ونحوه ككان كذا وكذا على أنها مفعول به أو المراد اذكر الحادث إذ قال وحي! عذ فالقول بأنها معمول اذكر تجوّز، وعلى هذا فجملة قال مستأنفة استثنافاً بيانيا وأمّا: إذا تعلق
بقال فجملته حينئذ معطوفة على مجموع ما قبلها عطف القصة على القصة وجوّز أن يكون معطوفا على نعمتي وجعله بيانا على تقدير تعلقه بمقدر وهو أحسن مما في الكشاف إذ جعله بيانا على تقدير تعلقه بقال وان تكلف له بأنه يجوز في قولك أعطاه حين اكرمه أن يكون إعطاؤه بيانا لإكرامه فكذا قوله: إني جاعلك حين ابتلاه وفي صحته نظر وجاعل قد يتعدى لواحد وقد يتعدى لاثنين الأوّل الكاف والثاني إماما. قوله: (والإمام اسم لمن يؤتم به الخ) قيل: إنه اسم شبيه بالصفة كالقارورة وفي الكشاف أنه على زنة الآلة كالإزار لما يؤتزر به، قال النحرير هو اسم للآلة فإن فعالاً من صيغ الآلة كالإزار والرداء وقيل: عليه في جعله آلة نظر لأنّ الإمام ما يؤتمّ به والإزار ما يؤتزر به فهما مفعولان ومفعول الفعل ليس با-لة لأن الآلة هي الواسطة بين الفاعل والمفعول في وصول أثره إليه ولو كان المفعول آلة لكان الفاعل آلة وليس فليس وفي المقتبس اسم الآلة ما يعمل به وما اشتق من فعل لما يستعان به في ذلك الفعل وصيغته المطردة مفعل ومفعال وما ألحق به الهاء سماعي كما في الزمان والمكان وما جاء مضموم الميبم والعين نحو مسعط لم يذهبوا به مذهب الفعل ولكنها جعلت أسماء لهذه الأوعية، ومنهم من يجعل فعالاً بالكسر كالعماد والنقاب وأمثالها منه اص. وقوله: وامامته عامّة الخ كانّ الداعي له أنه حمل تعريف الناس على الاستغراق لكن كون جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بعده مأمورين باتباعه فيه نظر لنسخ ما بعده من الثرائع لما قبلها كشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم وشريعة موسى عليه الصلاة والسلام فلو حمل على الجنس لم يرد هذا فكان مراده أنهم مأمورون باتباعه في العقائد وما يضاهيها كما قيل: لنبينا صلى الله عليه وسلم اتبع ملة إبراهيم. قوله: (عطف على الكاف الخ) قيل: فيه إنّ الجارّ والمجرور لا يصلح مضافاً إليه فكيف يعطف عليه وإنّ العطف على الضمير كيف يصح بدون إعادة الجارّ وأنه كيف يكون المعطوف مقول قائل آخر ودفع الأوّلين بأنّ الإضافة اللفظية في تقدير إلانفصال ومن ذريتي في معنى بعض ذريتي وكأنه قال واجعل بعض ذريتي وهو صحيح والثالث بأنه عطف تلقيني كما يقال: سأكرمك فتقول وزيداً أي وتكرم زيداً وتريد تلقينه ذلك، ولم يجعله بتقدير أمر أي واجعل بعض ذرّيتي احترازاً عن صورة الأمر ودلالتة على أنه كأنه واقع البتة وهذا أكثره وقع في كلام أبي حيان رحمه الله إذ قال: إنه لا يصح بمقتض العربية والذي يقتضيه المعنى أن يكون من ذزيتي متعلقاً بمحذوف أي اجعل من ذريتي إماما لأنه فهم من إني جاعلك الاختصاص به، وقيل: إن التلقيني يقتضي أن يقال: ومن ذرّيتك إذ لو ضم مع قوله إني جاعلك لم يقل ومن ذريتي وفي الكشف أصله واجعل بعض ذريتي لكته عدل
عنه لا وجه من المبالغة جعله من تتمة كلام المتكلم كأنه متحقق مثل المعطوف عليه، وجعل نفسه كالنائب عن المتكلم فيه مع ما في العدول عن لفظ الأمر من المبالغة في الثبوت ومن مراعاة الأدب في التفادي عن صورة الأمر وفيه من الاختصار الواقع موقعه ما يروق كل ناظر وفي الحواشي عن المصنف رحمه الله إنه كعطف التلقين وعنه في قوله ومن كفر فأمتعه أنه عطف تلقين، وقال راعيت الأدب في الأوّل تفاديا عن جعله تعالى شأنه ملقناً، وحاصله أنه في الحديقة معمول لمقدر والتقدير اجعلني إماماً واجعل من ذرّيتي أئمة فحذف ذلك وأوهم أنه معطوف على ما قبله لما ذكر من النكت فلا يرد عليه حينئذ شيء من الشبه السابقة، وقد ذكر هذه المسألة الأسنوي وغيره في أصوله فقالوا هل يتركب الكلام من كلمات متكلمين أجازه بعضهم ومنعه الجمهور وإلا لزم أنّ من قال امرأتي فقال آخر طالق يقع به الطلاق