كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

قام وصححه في بعض النسخ رفع بصيغة المصدر وعطف على الحج قيل، كأنه لاحظ أنه لم يكن لإبراهيم عليه الصلاة والسلام موضع معين وليس هذا وجهه بل وجهه أنه لو عطف ماضياً على قام اقتض أنه قام عليه في موضعه الآن لرفع البناء مع أنه بعيد عن حائط الكعبة كما يرى بالمشاهدة فيحتاج إلى أن يجعل قوله أو الموضع لبيان المعنى الثاني الذي يطلق عليه المقام وتعلق حين يأثر فتأمل. وقوله: روي الخ رواه ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما، وقوله: لما روى جابر رضي الله عنه أخرجه مسلم
وهي إحدى موافقاته الوحي المشهورة، وقوله: في وجوبهما أي ركعتي الطواف وقوله: واتخاذها مصلى الخ فهو مأخوذ من الصلاة بمعنى الدعاء، وقوله: مقامه الموسوم به أي المعروف به فالمقام مجاز عن المحل المنسوب إليه وكذا المصلى بمعنى القبلة مجاز عن المحل الذي يتوجه إليه في الصلاة بعلاقة القرب والمجاورة. قوله: (أمرناهما الخ) العهد يكون بمعنى الوصية ويتجوّز به عن الأمر فلا يقال: إنه لا ينبغي حينئذ أن يعدى بإلى ولا حاجة إلى التضمين وجعله بمعنى الوحي، وقوله بأن طهرا إشارة إلى أنّ الجارّ محذوف على القياس المعروف أو هي مفسرة لتقدّم ما تضمن معنى القول دون حروفه وهو العهد إذ هو شرطها وأمّا دخولها على الأمر ففيه خلاف مشهور ومنهم من قدر بأن قلنا لتكون داخلة على الخبر تقديرا والطهارة أعم من الحسية والمعنوية. قوله: (يريد البلد أو المكان الخ (يعني أن الإشارة إن كانت إلى ما هو بلد حال الإشارة فالمسؤول الأمن وذكر البلد توطئة له وان كانت إلى المكان فيكون المسؤول بلديته وأمنه وأوّل أمنا بوجهين أن يكون بمعنى النسبة أي صاحب أمن لمن فيه أو أنه إسناد مجازيّ والأصل آمنا أهله فأسند ما للحال للمحل لأنّ الأمن والخوف من صفات العقلاء. قوله: (عطف على من آمن الخ) قال النحرير: هو عطف تلقين كأنه قال قل وارزق من كفر أيضا فإنه محله وما ذكر من أنّ المعنى وأرزق بلفظ المتكلم تقرير للمعنى لا تقرير للفظ والذي يقتضيه النظر الصائب أن يكون هذا عطفاً على محذوف أي أرزق من آمن ومن كفر بلفظ الخبر واجعلني إماما وبعض ذريتي بلفظ الأمر فيحصل التناسب، ويكون المعطوف والمعطوف عليه مقول واحد اص. وهذا يخالف ما أسلفه في قوله: إني جاعلك لكن الأوّل تقرير لكلام المصنف رحمه الله وهذا بيان لمختاره فهو لا يقول بالعطف التلقيني وقد مر تحقيقه على أحسن الوجوه، وقوله: قاس إبراهيم عليه الصلاة والسلام الرزق الخ تبع فيه صاحب الكشاف والأحسن أن يقال إنه تعالى لما قال لا ينال عهدي الظالمين احترز إبراهيم عليه الصلاة والسلام من الدعاء لمن ليس مرضيا عنده فأرشده الله تعالى إلى كرمه الشامل. قوله: (أو مبتدأ متضن معنى الشرط الخ) هذا يحتمل أن يريد أنه موصول تضمن معنى الشرط فدخلت الفاء في خبره وهو جملة أمتعه أو اسم شرط لأنها أيضاً
تتضمن معنى حروف الشرط كان، وجملة فأمتعه جواب الشرط وأمّا تقدير أنا فيه فلا حاجة إليه لأن ابن الحاجب نص على أنّ المضارع في الجزاء يصح اقترانه بالفاء إلا أن يكون استحسانا فقول النحرير قدره لتصح الفاء غير سديد، ولما كانت الفاء تفيد السببية والكفر لا يصلح لسببية التمتع أشار إلى توجيهه بأنه هنا ليس سببا للتمتع بل لقلته أو للتمتع الذي هو منتج للعذاب والى هذا أشار في الكشاف بقوله: يجوز أن يكون مبتدأ متضمناً معنى الشرط وقوله: فأمتعه جوابه أي ومن كفر فأنا أمتعه فأضطره فلا يرد ما قيل هو في التنزيل ثم اضطرّه والاعتذار بأنه ذكره بالفاء إيماء إلى أنه من مواقع الفاء ولكن أتى بئم للتراخي الرتبي غير وارد وضمن مقصورا معنى مخصوصا فعداه بالباء. قوله: (أي ألزه إليه لز المضطر) كذا في الكشاف وقال الطيبي: إنه استعارة شبه حال الكافر الذي أدر الله عليه النعمة التي استدناه بها قليلاً قليلا إلى ما يهلكه بحال من لا يملك الامتناع مما اضطرّ إليه فاستعمل في المشبه ما استعمل في المشبه به، وقيل: إنه قال في الأساس لز هذا بهذا قرن به وألصق، ومن المجاز لزه إلى كذا اضطره إليه وبهذا يظهر أنّ ما في الكتاب تكلف لا حاجة إليه وفيه نظر لأن الكافر لش مضطراً إلى العذاب إذ يمكنه الإسلام فهو مجاز عن كون العذاب واقعا به وقوعا

الصفحة 236