كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

محققاً حتى كأنه مربوط به، وما في الأساس شيء آخر، وقليلاً صفة مصدر مقدر أي تمتعا قليلا أو المراد زمانا قليلا فهو ظرف. قوله: (وقرئ بلفظ الأمر (من الامتاع واضمطرّه أمر بفتح الراء كما هو في نحو شذه وهذه القراءة منقولة عن ابن عباس رضي الله عنهما، وكونه على هذه القراءة من دعاء إبراهيم صلى الله عليه وسلم مروي عن السلف كما أخرجه ابن أبي حاتم وقال ابن جني حسن إعادة قال لطول الكلام وللانتقال من دعاء قوم إلى دعاء آخرين ويحتمل أن يكون ضمير قال لله أي فأمتعه يا قادر يا رازق خطابا لنفسه على طريق التجريد ولم يلتفت إليه المصنف رحمه الله لبعده. قوله: (بإدغام الضاد وهو ضعيف (هذا مما تغ فيه الزمخشري وليس بصواب فإنّ هذه الحروف أدغمت في غيرها فأدغم أبو عمرو الراء في اللام في نغفر لكم والضاد في الشين في لبعض شأنهم والشين في السين في العرس سبيلاً، وأدغم الكسائي الفاء في الباء في نخسف بهم، والذي قاله سيبويه إنه هو الأكثر وأصل اضطرّ اضشر فأبدلت التاء طاء كما بين في الصرف وضم مبني للمجهول وشفر بمعنى منبت الأهداب
وقوله المخصوص بالذم محذوف والجملة للتذييل معترضة في الآخر لئلا يلزم عطف الإنشاء على الخبر. قوله: (حكاية حال ماضية الخ) لأنّ الرفع مضى وانقضى، قال أبو حيان رحمه الله: وفيه نظر لأن إذ تخلص الفعل للمضيّ ولا وجه لجعله مانعاً من الحكاية فتأمّل والقاعدة جرت مجرى الجوامد ولذا لم تجر على موصوف بمعنى الثابتة مجاز من القعود ضدّ القيام كما قاله الراغب: ومنه قعدك الله في الدعاء لأنه بمعنى أدامك الله وثبتك وهو دعاء استعملته العرب في القسم وهو مصدر منصوب على أنه مفعول مطلق لا مفعول به وان ذهب إليه بعض النحاة وقول الزمخشري: سألت الله أن يقعدك يشعر به لكنه صرح بخلافه في المفصل وهو بفتح القاف، وروي كسرها عن المازني وأنكره الأزهري ويقال قعيدك الله وهما مثل عمرك الله بنصب الله والجلالة بعدهما واجبة النصب إمّا على المفعولية أو البدلية وذلك لأنهما مصدران كالحس والحسيس ومعناهما المراقبة، فالتقدير أقسم بمراقبتك الله فالله مفعول أو هما وصفان كالخل والخليل ومعناهما الرقيب والحفيظ وهما منصوبان بنزع الخافض أي أقسم بقعدك والله بدل منه لكي قال الدماميني أنه لم يرد في الشرع إطلاقهما على الله وفي التهذيب قال أبو عبيد يقال قعدك الله بمعنى الله معك وأنشد:
قعيد كما الله الذي أنتما له
قوله: (ورفعها البناء الخ) دفع لما يتوهم من أنّ الأساس لا يمكن رفعه فأوّل بأنّ رفعه مجاز عن رفع ما عليه من البناء فجعل رفع ما عليها رفعاً لها لا نهاية تعلم وتدرك وأنت ضمير الأساس باعتبار القاعدة لكن في عبارته تسامح فإنها لا تنتقل إلى الارتفاع وإنما المرتفع ما عليها فالأولى تركه، والسافات بالسين المهملة والفاء جمع سافية وهي الصف من اللبن والطين وكل ساف قاعدة لما فوف فالمراد برفعها على هذا بناؤها نفسها ووجه الجمع على هذا ظاهر وعلى الأوّل لأنها مربعة ولكل حائط أساس وقيل: الرفع بمعنى الرفعة والشرف وقواعده بمعناه الحقيقي السابق فهو استعارة تمثيلية ولبعده مرّضه. قوله:) وفي إبهام القواعد (يعني كان الظاهر تواعد البيت لكن التبيين بعد الإبهام أبلغ فلذا عدل على الأخصر ومن هنا ابتدائية متعلقة بيرفع أو تبعيضية أو ابتدائية حال من القواعد ولكن في ذكر الكل بيان للجزء في ضمنه وهو مراد
المصنف رحمه الله لا أنها من البيانية ولا أنها صفة القواعد، وقوله: وأسمعيل عليه الصلاة والسلام كان يناوله الخ قيل: وفي تأخيره إشارة إلى ذلك، وقوله والجملة حال، وقيل: إنها خبر إسماعيل بتقدير القول فإبراهيم عليه الصلاة والسلام بان وإسماعيل عليه الصلاة والسلام داع وروي ذلك عن عليّ رضي ألله عنه وقوله: بدعائنا ولنياتنا أي بقرينة المقام وقيل: الأولى فتسمع دعاءنا وتعلم نياتنا. قوله:) مخلصين لك الخ) أسلم يكون بمعنى أخلص وانقاد ولما كانا مخلصين منقادين أوّلها بأن المراد الزيادة في ذلك أو الثبات واستدلّ بهذا على الموافاة، وفيه نظر والإذعان في اللغة بمعنى الانقياد وأمّا استعماله بمعنى الفهم فمن كلام المولدين وإذا أريد به ذلك فهل هو حقيقة أو مجاز فيه كلام مرّ تحقيقه في إهدنا الصراط في الفاتحة وهاجر زوجة إبراهيم عليه الصلاة

الصفحة 237