كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

والسلام والخلاف في الجمع مشهور.
قوله: (واجعل بعض ذزيتنا الخ) قيل: إنه إشارة إلى أن من للتبعيض وأنها في موضع المفعول الأوّل الذي هو مبتدأ في الأصل وجعل الحرف مفعولاً تعسف كما مرّ مع أنّ مجيء إنّ من ذزيتي أمّة يدفعه الآيات يفسر بعضها بعضا، والحمقى جمع أحمق وحمقاء أيضاً كما صرحوا به. قوله:) ويجوز أن تكون من للتبيين الخ) قال النحرير: لما كان الأنسب في مثل هذا الدعاء أن لا يقتصر على البعض من الذرية جوّز كون من للتبيين ولم يقطع به لأنّ من البيانية مع المجرور تكون أبداً من تتمة المبين بمنزلة صفة أو حال ولم يعهد كونها خبراً عنه مثل الرجس من الأوثان بمعنى هي الأوثان ولا محيص عنه سوى أن يقال المعنى أمة مسلمة هي ذرّيتنا على التعدي إلى مفعول واحد أو على أن يكون أمة مسلمة مفعولي جعل ولذا لم يجعله المصنف رحمه الله مفعولاً ثانيا وارتكب تقديمه على المبين والفصل بين حرف العطف ومعطوفه بالظرف مع ما في ذلك من الخلاف لأهل العربية فالجارّ والمجرور كان صفة للنكرة فلما قدم انتصب على الحال. قوله: (من رأى بمعنى أبصر أو عرف) فيتعدى بالهمزة إلى مفعولين بعد تعديه لواحد، وفي الإيضاج لابن الحاجب رحمه الله إنه لم يثبت رأيت الشيء
بمعنى عرفته وإنما هي بمعنى علم أو أبصر وتبعه أبو حيان رحمه الله لكن الزمخشريّ ذكره في المفصل والراغب في مفرداته وهما- ش الثقات فلا عبرة بإنكارهما، والنسك بضمتين وتسكن العبادة والذبح للتقرّب ولذا تسمى الذبيحة نسيكة والمذابح مناسك قيل: وقيد الغاية في كلام المصنف رحمه الله ليس في اللغة وليس كذلك فإنه ذكره الرأغب رحمه الله. قوله: (وفيه إجحاف) بتقديم الجيم أي زبادة تغيير وتبع فيها الزمخشرفي وليس كما ينبغي لأنها من القرا آت المتواترة وقد شبه فيه المنفصل بالمتصل فعومل معاملة فخذ في جواز إسكانه للتخفيف ولما كان النقل هو المستعمل والأصل مرفوضاً شبه بالأصلي وقد استعملته العرب كذلك قال:
أرنا إداوة عبد الله نملؤوها من ماء زمزم أنّ القوم قد ظمؤوا
والاختلاس تخفيف الحركة حتى تخفى. قوله: (استتابة لذرّيتهما الما كانت التوبة تقتضي الذنب وهم معصومون على الأصح قبلها وبعدها أوّله بما ذكر فهو بتقدير مضاف أو من إطلاق اسم الأب على الذرّية كما يقال تميم للقبيلة وبقية الوجوه ظاهرة، وقوله: لمن تاب متعلق بالرحيم ولو قال فترحم من تاب كان أولى. قوله: (ولم يبعث من زيتهما الخ) أي من ذرّيتهما معا بأن يكون ابن إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام لا من ذرّية ك!! منهما فإنّ في أولاد إسحق أنبياء ورسلاً " وقال دعوة أبي إبرأهيم " في الحديث اقتصارا على الأعظم والا فهو دعوة إسماعيل عليهما الصلاة والسلانم أيضاً ويصح أن يراد من ذرية كل منهما المدعو بها في ذلك المقام أما دعوة إسماعيل عليه الصلاة والسلام فظاهرة وأما دعوة إبراهيم عليه الصلاة والسلام فلأنّ إسحق لم يكن معه فلعله قصد به عامّة من كان من عقبه بواسطة إسماعيل وهو تكلف، تيل: ويحتمل أن يكون مرا! كل منهما ذرّيته فيكون سائر الأنبياء دعوة إبراهيم عليه الصلاة والسلام ومحمد صلى الله عليه وسلم إجابة دعوتهما، وقوله صلى الله عليه وسلم: " أنا دعوة أبي إبراهيم " من غير ذكر إسماعيل يدل على أنّ المجاب من الدعوتين كان دعوة إبراهيم عليه ا! صلاة والسلام وفيه نظر وقوله صلى الله عليه وسلم: " أنا دعوة أبي إبراهيم " جعله نفس الدعوة مبالغة أو في الكلام مضاف مقدر أي أثر دعوته وهذا
الحديث رواه الإمام أحمد بن حنبل وشارح السنة عن العرباض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ساخبركم بأوّل أمري أنا دعوة أبي إبراهيا وبشارة عيسى ورزيا أمّي التي رأت حين وضعتني " فدعوة إبراهيم عليه الصلاة والسلام في هذه الآية وبشارة عيسى عليه الصلاة والسلام في قوله: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} أسورة الصف، الآية: 6] ورؤيا أمّه، كما رواه الدارمي هي التي " رأت حين وضعته وقد خرج لها نور أضاءت له قصور الشام وأمّه آمنة بنت وهب بن عبد مناف من بني زهرة، وفي الاستدلال برؤياها ما يرشح إسلامها، وقوله: يقرأ عليهم إشارة إلى أنّ المراد بالآيات آيات القرآن

الصفحة 238