كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

وما بعده إشارة إلى أنّ المراد الحجج الإلهية لثلا يتكرّر به ولو أريد ما يشملهما صح فيكون ما بعده ذكرا للخاص بعد العامّ. قوله: (والحكمة الخ اللمفسرين في تفسيرها أقوال متقاربة يجمعها الكتاب والسنة فقيل: هي السنة، وقيل: القرآن وقيل: الفقه في الدين وقيل: العلم والعمل، وقيل: كل صواب من القول أورث صحيحاً من العمل والتزكية التطهير وذيلت بالعزيز وهو الذي لا يقهر والحكيم بمعنى المحكم بناء على أنّ فعيلا يجيء بمعنى مفعل كما مرّ لإعزازه تعالى أنبياءه عليهم الصلاة والسلام وارسالهم بالحكمة وضمير له لما يريد، وقوله: استبعاد إشارة إلى أنّ الاستفهام ليس حقيقياً بل هو للإنكار والاستبعاد وهو أي الاستبعاد عد الشيء بعيداً وهو عين الإنكار هنا فلا يرد ما قيل: الاستبعاد معنى مجازي كالإنكار ولا يصح الاستعمال في معنيين مجازيين إلا أن يقال معناه الإنكار المبنيّ على الاستبعاد لا على الامتناع لا أنهما قصدا معاً. قوله: " لا من استمهنها وأذلها الخ) استمهنها أي عدها مهنة ذليلة فعطف وأذلها تفسيري إشارة إلى أنه متعد وهو القول الأصح وأمّا اللازم فسفه بالضم بمعنى صار ذا سفه وهو حقيقة، وقيل ضمن معنى جهل أي جهل نفسه لخفة عقله ولم يعرفها بالتفكر لأنّ من جهل نفسه لا يعلم شيئاً، وقيل: أهلك واستشهدوا له بوقوعه في
الحديث متعدياً من غير احتمال آخر وقوله: فيه إن تسفه الحق أي تجهله وتغمض بالغبن والضاد المعجمتين وكسر الميم وفتحها بمعنى تحتقر ومن جعله لازما قال إنه منصوب على التمييز وهو يجيء معرفة بالألف واللام والإضافة لكنه نادر نحو غبن رأيه بالنصب، وغبن مجهول من الغبن ورأيه منصوب على التمييز المحوّل عن نائب الفاعل وكذا ألم رأسه كعلم. قوله: (وقول جرير الخ) كذا في النسخ وهو سهو فإنّ الشعر للنابغة الذبياني بالاتفاق وكذا رأيناه في ديوانه وهو في مدح النعمان بن المنذر وقد مرض وأبو قابوس لقبه والشعر:
فإن يهلك أبو قابوس يهلك ربيع الناس والبلد الحرام
ونأخذ بعده بذناب عيش أجب الظهرليس له سنام
ويروى والشهر الحرام وأراد بالربيع طيب العيش وبالبلد والشهر الحرام الأمن، والأجب المقطوع السظ م وهو لا يستقرّ عليه فالمراد إمّا ذهاب عزهم لأنّ السنام يكنى به عنه أو كثرة اضطرابهم بعده وذناب الشيء بالكسر عقبه أي نبقي بعده آيسين من الأمن والخير والظهر منصوب على التمييز لكن جعله في المفصل من المشبه بالمفعول به لأن أجب صفة مشبهة فلا ينهض شاهدا عليه، وقيل: إنه أيضاً حقه التنكير كالتمييز وقوله: على المختار إشارة إلى قول آخر أنه في محل نصب ونفسه تأكيد له واختلف فيمن هل هي موصولة أو موصوفة وجهان. قوله: (حجة وبيان لذلك الخ) قيل: كأنه يشير إلى أنّ الجملة حالية لكن الظاهر أنها جواب قسم محذوف فتكون الواو اعتراضية لا عاطفة والمقصود ما ذكر وجعلها حالية لا ينافيه جعلها جواب قسم لأنّ الحال هو القسم وجوابه واللام لا تعين القسمية لكن لام الابتداء تقتضي استئناف ما بعدها، واذ قال ظرف لاصطفينا كأنه أريد أنه مذ ميز وعقل لم يزل! مصطفى إلى أن فارق الدنيا، وقيل: إنه منصوب بقال أي قال أسلمت إذ قال له ربه أسلم وأوّل الخطاب بالإسلام بالأخطارلم التمكين من النظر إذ لو أجرى على ظاهر. كان وحياً مسبوقا باستنبائه
واسلام النبيّ يكترو سابق عليه لعصمتهم عن الكفر قبل النبوّة وإنما جرى ذلك في أوائل تمييزه وعلى القول الآخر يجعله في معنى أطع والأمر على ظاهره. قوله: (مشهودا له بالاسنقامة والصلاح يوم القيامة) الاستقامة الاستمرار على الصلاج فهو إمّا مأخوذ من الصلاح أو من الجملة الاسمية المؤكدة. قوله: (ظرف لاصطفيناه) تقدم بيانه والظروف تفيد التعليل كما مرّ وفسر الإسلام بالإذعان لأنّ معناه الحقيقي لا يصح هنا، وأمّا قوله روي أنها نزلت أي آية ومن يرغب فإنه دعاهما إلى الإسلام وقال لهما قد علمنا أنّ الله تعالى قال في التوراة إني باعث من ولد إسماعيل نبيا اسمه أحمد من آمن به فقد اهتدى ورشد ومن لم يؤمن به فهو ملعون فنزلت الآية تصديقا له، فقال السيوطيّ رحمه

الصفحة 239