كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

لأنّ الثواني تحتمل ما لا تحتمل الأوائل كقوله:
فوالله ما أدري أرشد طلابها
أي أم غيّ لكن سبق الزمخشريّ إليه الواحديّ وقدره أبلغكم ما تنسبون إلى يعقوب عليه
الصلاة والسلام من إيصائه بنيه باليهودية أم كنتم شهداء وذكر ابن هثام في المغني ولم يتعقبه، وقال ابن عطية رحمه الله: أنّ أم بمعنى الهمزة للاستفهام التوبيخي وهي لغة يمانية ولا تكون إلا في صدر الكلام وحكى الطبريّ رحمه الله أنها تكون في وسطه وشهداء جمع شهيد أو شاهد بمعنى حاضر وحضر يحضر كقعد يقعد وفي لغة حضر بكسر الضاد في الماضي وضمها في المضارع وهي شاذة، وقيل: إنها على التداخل وإنما جعل إذ الثانية بدلاً من الأولى بدل اشتمال لأنها لو تعلقت بقالوا لم ينتظم الكلام. قوله: (أراد به تقريرهم الخ) أي تثبيتهم على ذلك فليس استفهاماً حقيقيا وما عامّ يصح إطلاقه على ذي العلم وغيره عند الإبهام سواء كان استفهاميا أو لا وإذا علم أنّ الشيء من ذوي العقل والعلم فرق فحص من بذوي العلم وما بغيره وبهذا الاعتبار يقال: إنّ ما لغير العقلاء واستدلّ على إطلاق ما على ذوي العقول بإطباق أهل العربية على قولهم من لما يعقل من غير تجوّز في ذلك حتى لو قيل: من لمن يعقل، كان لغوا بمنزلة أن يقال لذي عقل عاقل، فإن قيل: ههنا يجب أن يفرق بمن وما لأنّ ما يعقل معلوم أنه من ذوي العلم قلنا لكن بعد اعتبار الصلة أعني يعقل وأمّا الموصول فيجب أن يعتبر مبهما مرادا به شيء ما ليصح في موقع التفسير بالنسبة إلى من لا يعلم مدلول من وليقع وصفه بيعقل مفيدا غير لغو وقد تقرّر أنّ ما يقع سؤالاً عن مفهوم الاسم وماهية الشيء، وعن الوصف والوصف في نفسه لا يعقل فإذا كان هو المراد أطلقت ما على العقلاء وما في الآية يجوز أن يحمل على هذا والمعنى ما معبودكم. قوله: (المتقق على وجوده) أخذ الاتفاق من جعله إلها لهم ولآبائهم وعدّ إسماعيل أبا ليعقوب مع أنه من نسل أخيه إسحق بطريق التغليب وهو ظاهر وأما الجد وهو إبراهيم عليه الصلاة والسلام فداخل في الآباء لأنه أب حقيقة فلذا لم يذكره المصنف في المغلب عليه، والمشهور في علاقة التغليب أنها الجزئية والكلية فقوله: أو لأنه كالأب وجه آخر المراد به أنّ العمّ يطلق عليه أب بدون تغليب لمشابهته للأب في كونهما من أصل واحد وقيامه مقامه في أكثر الأمور وكثر ذلك فيه فصح جمع أب وأب وأب بمعنى أب وجد وعمّ على آباء كما يقال عيون للعين الباصرة والجارية والذهب مثلاَ فلا يرد عليه أنّ المقابلة غير صحيحة لأنّ المشابهة طريق للتغليب كالمصاحبة ويعتذر بأنه اعتبر التغليب أوّلاً بعلاقة المصاحبة وثانيا بعلاقة
المشابهة، وعنم الرجل صنو أبيه حديث صحيح أخرجه الشيخان والصنو بالكسر واحد صنوأن وهما نخلتان من عرق واحد. قوله: (هذا بقية آبائي) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه وغيره بلفظ: احفظوني في العباس فإنه بقية آبائي قال النحرير أي الذي بقي من جملة آبائي يقال بقية القوم لواحد بقي منهم ولا يقال بقية الأب للأخ والحاصل أنّ بقية الشيء من جنسه. قوله: (وقرئ إله أبيك الخ) في شرح التسهيل قالوا أبون وهو يحتمل وجهين أن يكون أصله أبوين ضموا الباء لمناسبة الواو ثم حذفت كسرة الواو للتخفيف وهي لالتقاء الساكنين وأن يكونوا استعملوه ناقصاً كما كان حالة إفراده وهو أسهل، والشعر المذكور لزياد بن واصل السلمي وهو: غزتنا نساء بني عامر فسمن الرجال هوأنامبينا
بضرب كولع ذكور الذباب تسمع للهام فيه رنينا
ورمى على كل عرّافة تردّالشمال وتعطي اليمينا
فلما تبين أصواتنا بكين وفديننابالأبينا
ويروي فلما تبين أشباحنا والنون في الأفعال للنسوة اللاني أسرن وفديننا بتشديد الدال أي
قلن جعل الله آباءنا فداءكم وألف الأبينا للإطلاق والرواية فلما بالفاء لا بالواو أو أبيك على هذه القراءة مفرد وابراهيم بدل منه أو عطف بيان! اسمعيل معطوف على أبيك ولم يرتض كونه عمّ لالإضافة فأبدلا منه. قوله: (بدل من إله الخ) والنكرة تبدل من المعرفة بشرط أن توصف واليه اشار المصنف رحمه الله بقوله: كقولك الخ

الصفحة 242