كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
التأثر والظهور والتزين قالوا وهذا أنسب من المشاكلة لأنّ الكلام عام في اليهود والنصارى وتخصيصه بالنصارى لا وجه له، وأجيب بأنّ اختصاص الغمس في المعمودية بالنصارى لا ينافي صحة اعتبار المشاكلة لأنّ ذلك الفعل كائن فيما بينهم في الجملة وهذا يصححه ولكنه لا يقتضي حسته ويدفع التكلف عنه وهو مراد المعترض. قوله: (أو للمشاكلة فإنّ النصارى الخ) هذا راجع إلى الوجه الأخير وهو معنى التطهير لا للوجوه كلها كما قيل فعبر عن التطهير عن درن الشرك بالصبغ مشاكلة فإنّ النصارى كانوا يصبغون أولادهم بماء أصفر يعتقدون أنه تطهير للمولود كالختان (11 لغيرهم فأطلق الصمبغ على التطهير بالإيمان للمشاكلة فإنّ المشاكلة كما تجري بين القولين تجري بين قول وفعل أيضا كما تقول إذا رأيت شخصاً يغرس
أشجاراً أغرس غرس فلان تعني كن كريماً تصطنع الناس تريد حثه على الكرم والخير وان لم يجر ذكر الغرس لأنه مشغول به وعليه اقتصر الزمخشريّ، وقال المعنى تطهيراً لله لأنّ الإيمان يطهر النفوس والأصل فيه أنّ النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه المعمودية ويقولون هو تطهير لهم وإذا فعل الواحد منهم بولده ذلك قال الآن صار نصرانياً حقا فأمر المسلمون بأن يقولوا لهم قولوا آمنا بالله وصبغنا الله بالإيمان صبغة لا مثل صبغتنا وطهرنا به تطهير الأمثل تطهيرنا أو يقول المسلمون صبغنا الله بالإيمان صبغته ولم نصبغ صبغتكم وإنما جيء بلفظ الصبغة على طريق المشاكلة الخ وقوله: فأمر المسلمون بناء على أن الخطاب للكافرين في قوله: قولوا آمنا، وقوله: أو يقول المسلمون بناء على الوجه الأوّل وهو أنّ الخطاب للمؤمنين والمصنف رحمه الله لم يذكر هذا الترديد لأنه لم يجوّز كونه للكافرين كما مرّ، والمعمودية بفتح الميم وسكون العين المهملة وضم الميم الثانية وكسر الدال المهملة وبالياء المثناة التحتية المخففة مر معناه وقال الصولي في شرح ديوان أبي نواس: أنه معرّب مغموذيا بالذال المعجمة ومعناه الطهارة ويراد بها ماء يقدس بما يتلى عليه من الإنجيل ثم تغسل بها الحاملات ا!. قوله: (ونصبها الخ) أي هو مصدر مؤكد لنفسه محذوف عامله وجوبا وليس ناصبه آمناً كما قيل، وقيل: إنه على الإغراء بتقدير الزموا أو عليكم وقيل: بدل من ملة إبراهيم على النصب وإليه ذهب الزجاج والكسائيّ وغيرهما وردّه الزمخشريّ وسيأتي جوابه، وقوله: لا صبغة أحسن من صبغته إشارة إلى أنّ الاستفهام إنكارقي في معنى النفي. قوله: (تعريض بهم الخ) التعريض مستفاد من تقديم نحن المفيد للحصر، وقوله: وهو عطف الخ يعني هذه الجملة معطوفة على جملة آمنا وهو بحسب الظاهر يقتضي كون صيغة الله داخلاً فيها أيضاً لا إغراء ولا بدلاً من ملة إبراهيم لما فيه من تفكيك النظم لتخلل الأجنبيّ على الإغراء بينهما وتوسط ما هو بدل مما قبلها بين أجزائهما، ولذا ردّه الزمخشريّ والمصنف رحمه الله أجاب عنه بقوله: ولمن قال الخ أي من قال به من أئمة العربية يحمل قولهم على أنهم قدّروا في هذه الجملة وقولوا نحن له عابدون بقرينة السياق فإنّ ما قبله مقول المؤمنين وتقدير القول سائغ شائع فلا يرد عليه أنه تكلف من غير دليل وهذه الجملة معطوفة على الزموا في صورة الإغراء والتقدير الزموا