كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
صلى الله عليه وسلم والثاني لبيت المقدس، وقوله والمعنى الخ بيان للثاني ويقابله قوله الآتي وعلى الأوّل معناه. قوله: (1 لا لنمتحن به الناس الخ) أي لنعاملهم معاملة الممتحن المختبر لتظهر حقيقة الحال ونعلم وتعلم يصح فيه النون والتاء وهو على التمثيل أي فعلنا ذلك فعل من يختبر ومنه يؤخذ جواب آخر عن السؤأل الآتي وعلى هذا اقتصر الزمخشريّ في قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ} [سورة آل عمران، الآية: 1140 في سورة آل عمران فتصير الأجوبة عن مثل هذا التركيب أربعة وهذا مبنيّ على الثاني أيضاً، والمراد بمن يرتد أهل مكة وقبلة آبائه إبراهيم واسمعيل عليهما الصلاة والسلام وهي الكعبة، وقوله أو لنعلم الآن أي حين حوّلت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة والمراد بمن لا يتبعه أهل المدينة ومن يحذو حذوهم والمراد بالعارضى موأفقة قبلتهم والنكوص الإحجام عن الشيء. قوله:) فإن قيل الخ) يعني أنّ قوله لنعلم يشعر بحدوث العلم في المستقبل وعلمه تعالى أزليئ أجاب بوجوه ثلاثة تقدم رابعها أنه على التجوّز في الإسناد بأن أسند إليه تعالى ما هو مسند إلى خواصه المقزبين وليس على حذف مضاف، أو العلم قديم ومتعلقه حادث في الحال فعبر عنه بذلك باعتبار المتعلق لأنه الذي يتعلق به الجزاء إذ العلم قبله لا يتعلق به جزاء وإنما يكون بعد وجوده وطاعته أو عصيانه فالله تعالى وان كان عالماً به دائماً إلا أن العلم الذي يتعلق به مجازاته إنما يحصل بعد وجوده، وحاصله تخصيص العلم أو هو من إطلاق السبب وهو العلم على المسبب وهو التميز في الوجود
الخاوجي عند المخلوقين ويؤيده تعديه بمن كالتمييز، وبه فسره ابن عباس رضي الله عنهما وقوله: ويشهد الخ لأن معناها ليعلم الناس ذلك ويتميز عندهم، وقيل: إنما يصلح شاهداً لما قبله وفيه نظر لأنه لم يعين فيها العالم إذ ظاهره العموم، وأفا ما قيل: إن نعلم للمتكلم مع الغير فالمراد ليشترك العلم بيني وبين الرسول فغير مناسب لتشريك الله مع غنره في ضمير واحد كما سيأتي. ووجه خامس أنه أريد بالعلم الجزاء أي لنجازي الطائع والعاصي وكثيراً ما يقع التهديد في القرآن بالعلم. قوله:) والعلم إما بمعنى المعرفة الخ) فيتعدّى لمفعول واحد وهو من الموصولة وممن متعلق به كما مز أو بمقدر أو بيان لمن، ويجوز أن يكون على أصله متعديا لاثنين قامت الجملة المعلق عنها مقامهما، وممن ينقلب حال من فاعل يتبع أي متميزاً عنه وبهذا اندفع قول أبي البقاء رحمه الله أنه لا يجوز أن تكون من استفهامية لأنه لا يبقى لقوله ممن ينقلب متعلقاً لأنّ ما قبل الاستفهام لا يعمل فيما بعده ولا معنى لتعلقه بيتبع، والكلام دال على هذا التقدير فلا يرد أنه لا قرينة عليه فإن قيل كيف يكون بمعنى المعرفة كذلك إذ المراد به الإدراك الذي لا يتعذى إلى مفعولين، وفيه نظر لأنه وقع في نهج البلاغة إطلاق العارف على الله تعالى وذكره ابن أبي الحديد في شرعته وأما السبق بالعدم فلا نسلم أنه من لفظ المعرفة بل ناشئ من معناها لأنها كذلك في اللغة وهو لا يضرّ لأنّ العلم أريد به هنا تعلقه ولذا عبر عنه بالمضارع وتعلقه مسبوق بالعدم فتأقل. وقوله: متميزاً يصح دعوه إلى الوجهين كما مرّ. قوله: (إن هي المخففة الخ) الخلاف في مثله معروف وهذه اللام تسمى الفارتة أو الفاصلة لفصلها بين النافية والمخففة وعلى قراءة الرفع كان زائدة، وقيل: إنها خبر مبتدأ محذوف أي فهي كبيرة والجملة خبر كان، وقوله: الثابتين الثبوت مأخوذ من مقابلة قوله ممن ينقلب على عقبيه والا فهي فعلية لا تفيد الثبوت. قوله: (أي ثباثكم على الإيمان) هذا أيضا مأخوذ من مقابلته لمن ينقلب وإلا فإضاعة أصل الإيمان وعدمها لا مانع من اعتبارها هنا. أو المراد به تصديق مخصوص بقرينة المقام. قوله:) أو صلاتكم (يعني الإيمان بمعنى الصلاة بقرينة المقام وهو مجاز من إطلاق اللازم على ملزومه وتد وقع تفسيره به في البخاري، وقوله:! كيف بمن ماتأ أي كيف يصنع به وهذا
حديث صحيح أخرجه الشيخان والترمذفي والحاكم وأحمد عن البراء بن عازب رضي الله عنه. قوله: (فلا يضيع الخ) يعني إن المراد بالرحمة رحمة يترتب عليها ما ذكر ليتم الارتباط، وقوله: وهو أبلغ هو بناء على تفسير الرأفة بأشد الرحمة وحينئذ المناسب رحيم رؤوف وفيه نظر من وجهين الأوّل أنّ فواصل القرآن لا يلاحظ فيها الحرف