كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

الأخير كالسجع كما هنا في رحيم وتعملون فذلك حال على كل حاصل. الثاني أنّ الرأفة حيث وردت في القرآن قذمت ولو في غير الفواصل كما في قوله تعالى: {رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} [سررة الحديد، الآية: 27] في وسط الآية والذي غزه كلام الجوهريّ، وهو عندي لن! بصواب ف! ق الرأفة معناها الشفقة واللطف والرحمة الإنعام ورتبتها التقديم كما قيل: الإيناس قبل الإبساس، وعليه استعمال العرب قال قيس الرقيات:
ملكه ملك رأفة ليس فيه جبروت منه ولا كبرياء
فانظره كيف أوضح معناها بالتقابل ومثله كثير في كلام العرب وقد فصلناه في سورة النور وقوله: ربما إشارة إلى أن قد هنا للتقليل وتحتمل التكثير كما في ربما وهما منصرفان إلى التقلب، والروع بالضم القلب، والتولي إما من الولاية أو من ولي جهته. قوله: (تحبها وتتشوّق إليها) جعل الرضا بمعنى المحبة والتشوّق لأنه لم يكن ساخطاً لتلك وإنما كان ألهم تغييرها فكان يتشوّق إلى مراد الله ويؤثره على مراده، وهذه مرتبة فوق التوكل وقوله: لمقاصد دينية إشارة إلى أنّ ميله لم يكن لهوى نفسه وإجابته لم تكن إلا لموافقة حكمة. قوله: (اصرف وجهك الخ) أي اصرفه عن غيره وأقبل به عليه لأن الإقبال بالوجه على شيء يقتضي صرفه عن غيره وإنما ذكره لاً نه تحوّل عن الجهة الأولى قال الراغب ولي إذا عدى بنفسه اقتضى معنى الولاية وحصوله في أقرب المواضع يقال: وليت سمعي كذا أقبلت به عليه قال تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ} الخ وإذا عدى بعن لفظاً أو تقديراً اقتضى معنى الإعراض اهـ. فهو هنا متعدّ إلى مفعولين كما سمعت وعرفت معناه، فمن قال لا يخفى أنه ليس من التولية بشيء من المعنيين بل هو من قبيل ما ولاهم لم يصب، والزمخشريّ قال شطر المسجد نصب على الظرف أي
اجعل تولية الوجه تلقاء المسجد أي في جهته وسمته، وقيل: إنه يشير إلى أنه قد ترك أحد مفعولي ولي وشطر ظرف بمعنى اجعل وجهك في جهة المسجد ولو كان مفعولاً به كما في لنولينك قبلة لما ذكر شطر بل اقتصر على المسجد وفيه نظر لأنّ وجه ذكر. أنه هو المتيقن كما صيأتي. والقطر بضم فسكون بمعنى الجانب وقوله: أن يتعرضوه أصله يتعرضوا له على الحذف والإيصال أو منع أن تدخله الكفرة. قوله: (نحوه الخ) هذا هو الصحيح في معنى الشطر، قال المبرد في الكامل: للشطر وجهان في كلام العرب أحدهما النصف والآخر القصد يقال: خذ شطر زيد أي قصده ونحوه وذكر الآية. قوله: (والبعيد يكفيه مراعاة الخ الا خلاف في أن حاضر الكعبة إنما يتوجه إلى عينها وإنما الخلاف في البعيد هل يلزمه التوجه إلى عينها أو يكفي التوجه إلى جهتها وهو المختار للفتوى وأدلة كلى من الفريقين مبسوطة في الفروع، والمصنف ر حمه الله اختار الثاني واستدل عليه بذكر المسجد دون الكعبة وكذا الشطر، وقوله: " روي الخ " اخرجه الشيخان، وقوله: ثم وجه الخ أخرجه أبو داود في الناسخ والمنسوخ عن سعيد بن المسيب مرسلاً وليس فيه قبل الزوال لكن يؤخذ من الحديث الآتي وسلمة بكسر اللام قال الجوهريّ: وليس في العرب سلمة بالكسر غيره. قوله: (وقد صلى عليه الصلاة والسلام بأصحابه في مسجد بني سلمة الخ) قال السيوطي: هذا تحريف للحديث فإنّ قصة بني سلمة لم لكن فيها النبيّ صلى الله عليه وسلم إماماً ولا هو الذي تحوّل في الصلاة أخرج النسائي عن أبي سعيد بن المعلى فال: كنا نعدو إلى المسجد فمررنا يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد على المنبر فقلت: لقد حدث أمر لجلست فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء} الآية فقلت لصاحبي تعال نركع ركعتين قبل أن ينزل رسول الله ىلجح! ر فنكون أوّل من صلى فتوارينا فصليناهما ثم نزل رسولط الله صلى الله عليه وسلم فصلى الناس الظهر يومئذ، وأخرج أبو داود في الناسخ عن أنس رضي الله عنه: " أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يصلون نحو بيت المقدس، فلما نزلت هذه الآية مرّ رجل ببني سلمة فناداهم وهم ركوع في صلاة الفجر نحو بيت المقدس، إلا أنّ القبلة قد
حولت إلى الكعبة فمالوا كما هم ركوعا إلى الكعبة " وأخرج الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: " إن النبي

الصفحة 252