كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الثأم فاستداروا إلى الكعبة " اهـ فقد علمت أن ما ذكره المصنف رحمه الله ليس موافقا للروايات الصحيحة فإنّ النبيّ ع! ي! لم يتحوّل في صلاته وأنّ التحوّل كان في صلاة الفجر. قوله:) وتبادل الرجال والنساء صفوفهم الخ) قيل: أراد أن الرجال تاموا في مكان النساء والنساء في مكان الرجال قيل: والطاهر أن مراده أنّ بعض الرجال قاموا مكان بعض النساء وبعض النساء قاموا مكان بعض الرجال مثلا إذا قام الإمام وصف خلفه صفين صفاً رجالاً وصفا نساء فإذا دار إلى جانب اليمين تحوّل ما في يمين الإمام من الرجال إلى خلف لاتباع الإمام وتسوية الصفوف فإذا كانوا قريبين من النساء يبعدوهن من أمكنتهن حتى يقوموا مكانهن، وكذا تحرّك من في يسار الإمام إلى قدام والنساء اللاتي خلف هؤلاء الرجال ليقف من وقفن مكان الرجال حتى تستوين مع النساء اللاني في جانب يمين الإمام كما يشهد به التخيل الصحيح، وقوله: واستقبل الميزاب أي كانت جهتهم مقابلة لميزاب الكعبة وهو معروف وقوله: خص الرسول ع! ت يعني في توله فولّ وجهك ثم عئم في هذه الآية لما ذكر. قوله: (جملة الخ (أي إجمالاً لمقابلته بقوله تفصيلاً، وقوله: لعلمهم الخ قيل: عليه هذه القبلة كانت لإبراهيم عليه الصلاة والسلام كما مرّ فلا تخص شريعتنا فالأولى لعلمهم بأن محمداً عش! لا يأمر بباطل إذ هو النبيّ المبشر به في كتبهم، ولك أن تقول إنها نسخت فلم تكن قبلة فحين عاد التوجه إليها عن بيت المقدس صارت كأنها قبلة أخرى ولا يخفى ما فيه من التكلف، فالأحسن أن المراد أنه يغير قبلة من كان قبله إلى أخرى فلا يضره ما ذكر وقوله: للفريقين أي أهل الكتاب والمسلمين، وقوله: والمعنى ما تركوا الخ
لأنّ عدم الاتباع بمعنى الترك وما قبله يدلّ على أنه كان عناداً، وقوله: وقبلتهم وان تعدّدت أي قبلة أهل الكتاب اليهود والنصارى لكنها لجمع البطلان لها كالشيء الواحد كما مرّ في قوله لن تصبر على طعام واحد، وقوله: لتصلب الخ في الأساس تصلب فلأن في الأمر إذا اشتد فيه، ثم إنّ كون قبلة النصارى مطلع الشمس صرحوا به لكن وقع في بعض كتب القصص أنّ قبلة عيسى عليه الصلاة والسلام كانت بيت المقدس وبعد رفعه ظهر بولس ودسق في دينهم دسائس منها أنه قال: إني لقيت عيسى عليه الصلاة والسلام فقال لي: إن الشمس كوكب أحبه يبلغ سلامي في كل يوم فمر قومي ليتوجهوا إليها في صلاتهم ففعلوا ذلك) بقي (الكلام في أن المطالع مختلفة فأيّ مطلع يعتبر عندهم لم أر من صرح به، وفي بدائع الفوائد لابن القيم قبلة أهل الكتاب ليست بوحي وتوقيف من الله بل بمشورة واجتهاد منهم أمّا النصارى فلا ريب أن الله تعالى لم يأمرهم في الإنجيل ولا في غيره باستقبال الشرق وهم مقرون بأن قبلة المسيح عليه الصلاة والسلام قبلة بني إسرائيل وهي الصخرة وإنما وضع لهم أشياخهم هذه القبلة وهم يتعذرون عنهم بأن المسيح عليه الصلاة والسلام فوّض إليهم التحليل والتحريم وشرع الأحكام وأن ما حللوه وحرّموه فقد حلله هو وحرّمه في السماء فهم مع اليهود متفقون على أنّ الله لم يشرع استقبال بيت المقدس على رسوله أبدأ والمسلمون شاهدون عليهم بذلك، وأما تبلة اليهود فليس في التوراة الأمر باستقبال الصخرة البتة وإنما كانوا ينصبون التابوت ويصلون إليه من حيث خرجوا فإذا قدموا نصبوه على الصخرة وصلوا إليه فلما رفع صلوا إلى موضعه وهو الصخرة، وأما السامرة فإنهم يصلون إلى طورهم بالثأم يعظمونه ويحجون إليه وهو في بلدة نابلس وهي قبيلة باطلة مبتدعة اهـ. قوله:) أي ولئن اتبعتهم مثلا (قال النحرير: معنى قوله مثلاً أنّ هذه الشرطية مبنية على الفرض! والتقدير وإلا فلا معنى لاستعمال أن الموضوعة للمعاني المحتملة بعد تحقيق الانتفاء بقوله: وما أنت بتابع قبلتهم يعني أن كونه من الظالمين لا يخص متابعته بل كل من يتبع كذلك وإنما أسند إليه ليعلم غيره بالطريق الأولى أو أنه ليس المقصود التخصيص بل متابعة الهوى مطلقآ كذلك. قوله:) وكد تهديده وبالغ فيه من سبعة أوجه الخ (وفي نسخة عشرة أوجه وكذا ذكرها الشارح النحرير وهي القسم واللام الموطئة له وان الفرضية
وان

الصفحة 253