كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

فافهم، واعلم أنه لما حصر الألوهية أشار بالحياة إلى أنّ الأصنام لا تصلح لذلك وبالقيوم إلى أن الملائكة لا تصلح له وبهذه الجملة إلى أنّ عيسى عليه الصلاة والسلام وغيره من البشر كذلك ثم ذكر بعده إثبات ما ذكر.
قوله: (تقرير لقيوميته الخ) وجه التقرير أنّ المالك يقوم على ما يملكه ويحفظه والقائم الحافظ إنما يحفظ ما هو ملكه بحسب الظاهر ووجه الاحتجاج على تفرّده أنّ ما سواه مملوك له فكيف يكون شريكا له. قوله: (والمراد بما فيهما إلى قوله فهو أبلغ من قوله) قيل: ليس ما ذكره آية وسياقه يشعر به فالظاهر أن يقول أبلغ من قولنا، ووجه الأبلغية أنه يلزم أنّ السموات والأرض له بطريق برهانيّ لكن إرادة الجزئية والظرفية بقوله فيهما جمع بين الحقيقة والمجاز وفيه دليل على أنّ ما سواه تعالى ملك له وإلا كان البيان قاصرا. قوله: (بيان لكبرياء شأنه الخ) الكبرياء مأخوذ مما قبله من سمات الجلال وعدم المساواة والمداناة أي المقاربة مأخوذ من إنكار وجود الشفعاء بلا إذن، والاستكانة بمعنى التضرع والمظ صبة إظهار الخلاف والعداوة. قوله: (ما قبلهم ومما بعدهم الخ) فسر ما بين أيديهم بما كان قبلهم وهو الماضي وما خلفهم بما سيأتي بعدهم وهو المستقبل لأنه يقال: لما تقدم بين اليدين لأنّ ما بينهما لا بذ أن يكون متقدماً
وما سيكون يقال إنه خلفه أي بعده ومغيب عنه ومستور أو على العكس وبينه بأنك تستقبل ما سيأتيك وتستدبر ما مضى وهو ظاهر وإطلاق ما بين أيديهم على أمور الدنيا لأنها حاضرة والحاضر يعبر عنه بذلك وأمور الآخرة مستورة كما يستتر عنك ما خلفك وأما العكس فلأن أمور الآخرة مستقبلة وتلك ماضية، وبقية الوجوه ظاهرة وكذا ما يأخذونه وما يتركونه وإذا رجع الضمير لما فهو تغليب أو للعقلاء في ضمنه فلا تغليب والعلم بما قبلهم وما بعدهم كناية عن علمه بجميع الأشياء هم وما قبلهم وما بعده واعتبره فيما بعده. قوله: (من معلوماته الخ) إشارة إلى أنّ هذا مغاير لما قبله ومجموعهما دال على تفزده العلم لأن الأولى تفيد أنه يعلم كل شيء والثانية أنه لا يعلمه كيره ومن كان هكذا فهو الإله لا غيره إذ الإله لا بد من اتصافه بصفات الكمال التي من أصولها العلم. قوله: (تصوير لعظمته وتمثيل الخ) إشارة إلى أنه استعارة تمثيلية والتخييل نوع من التمثيل إلا أنه تمثيل خاص بكون المشبه به فيه أمراً مفروضا وما يقال: إنّ التمثيل تشبيه قصة بقصة والتخيل تصوير حقيقة الشيء ليس بشيء ثم إن كان الممثل بجميع أجزائه مفروضا كما نحن فيه وكقولهم لو قيل: للشحم أين تذهب لقال أسوى العوج فهو التمثيل التخييلي وإلا فهو الاستعارة التخييلية التابعة للاستعارة بالكناية واسم التخييل يقع عليهما وسيأتي الكلام على هذا تفصيلا والحاصل أنه استعارة تمثيلية كما في جعل الأرض في قبضته لا كناية إيمائية كما قاله الطيبي رحمه الله، وقوله وقيل: الخ فالكرسي بمعنى العلم مجازاً فهو تسمية له بمكانه لأنّ الكرسي مكان العالم الذي فيه العلم فيكون مكانا للعلم بتبعيته لأنّ العرض يتبع المحل في التحيز حتى ذهبوا إلى أنه معنى قيام العرض! بالمحل. قوله: (وقيل: جسم الخ) هذا هو الذي يدلّ عليه ظاهر الآثار وقوله: ولذلك الخ أي لكونه بمنزلة كرسي يوضع مقابل عرس الملك وعن الحسن رحمه الله أنه نفس العرس وتلك البروج معروفة في الهيئة، والكرسي
قيل: إنه اسم وضع هكذا وليس بمنسوب، وقيل: إنه منسوب إلى الكرس وهو التلبد ومنه الكراسة للمتكرس من الأوراق والمتكرس الراكب والأولى حمله على ظاهره، وأمّا إيهامه الجسمية فليس بشيء ويؤده بثقله من الأود وهو العوج لأن الثقيل يميل له ما تحته وخص الحفظ بهما دون العرس لأن الحفظ لهما هو المشاهد المحسوس. قوله: (وهذه الآية مشتملة على أمهات المسائل الخ (التنزه عن التحيز يؤخذ من القيوم أيضا لأنه لو تحيز احتاج إلى الحيز فلم يكن قائما بنفسه وعدم التغير من قوله لا تأخذه الخ وكذا قوله: لا يناسب الأشباج وما يعتري الأزواج الحدوث وهو مأخوذ من القيوم أيضا، وقوله: الذي لا يشفع تفسير لما قبله وسعة الملك الخ من وسع كرسيه السموات والأرض وفي قوله: عما يدركه ولا يحيط به مكنية وتخييلية وآية الكرسي ورد أنها سيدة آي القرآن وما ذكره المصنف رحمه الله في فضائلها كله مروي في كتب الحديث إلا قوله: من قرأها بعث

الصفحة 334