كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
مشبهة بالحرف في عدم التصزف لا يدخل عليها من الحروف إلا ما ثبت في كلامهم وهو عن وذلك على قلة أيضا عدل إلى التأويل فجعله من عطف الجملة على الجملة تارة وقدر أرأيت لأنّ ألم تر مستعمل بإلى في الكتاب العزيز إذا تعدى إلى مفعول واحد بمعنى النظر وأخرى من العطف الملفوت فيه لفت المعنى نحو فأصدق وأكن واقحام الكاف لد مبالغة
نحو: {فَأْتُواْ بِسورة مِّن مِّثْلِهِ} [سورة البقرة، الآية: 23] هو الوجه لا لأنّ منكر الربوبية قليل ومنكر الإحياء أكثر والجاهل بكيفيته أكثر من أن يحصى اص. وهو رذ لما ذكره المصنف رحمه الله وسيأتي تقريره، وقيل: تقريره إن كلاً من لفظي ألم تر وأرأيت مستعمل لقصد التعجيب، إلا أنّ الأول تعلق بالمتعجب منه فيقال: ألم تر إلى الذي صنع كذا بمعنى انظر إليه فتعجب من حاله والثاني تمثيل المتعجب منه فيقال: أرأيت مثل الذي صنع كذا بمعنى أنه من الغرابة بحيث لا يرى له مثل ولا يصح ألم تر إلى مثله إذ يكون المعنى انظر إلى المثل وتعجب من الذي صنع فلذا لم يستقم عطف كالذي مز على الذي حاج واحتيج إلى التأويل في المعطوف بجعله متعلقأ بمحذوف أي أرأيت كالذي مرّ ليكون من عطف الجملة أو في المعطوف عليه نظراً إلى أنه في معنى أرأيت كالذي حاج فيصح العطف عليه، فظهر أنّ عدم الاستقامة ليس لمجرّد امتناع دخول كلمة إلى على الكاف كما مرّ حتى لو قلت ألم تر إلى الذي حاج أو مثل الذي مرّ فعدم الاستقامة بحاله عند من له معرفة بأساليب الكلام وأنّ هذا ليس من زيادة الكاف في شيء بل لا بذ في التعجيب بكلمة أرأيت من إثبات كاف أو ما في معناه فيقولون أرأيت كزيد أو مثل زيد وهو شائع في سائر اللغات اهـ. (أقول (هذا غريب منه فإن ألم تر يستعمل للتعجيب مع التشبيه نحو قول العرب لم أر كاليوم رجلأ كما ذكره سيبويه رحمه الله وقد يقدر كما مرّ وبدونه كما هنا وكقوله: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ} وكذا أرأيت يستعمل معه كما ذكروه وبدونه، كقوله: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} ونظائره كثيرة وكيف يفرق بينهما بأنه تعلق في الأوّل بالمتعجب منه وفي الثاني بمثله والمثلية إنما جاءت من ذكر الكاف ولو ذكرت في الأول لكان مثله بلا فرق فهذا مصادرة على المطلوب وليس فيه زيادة على ما ذكره المدقق في الكشف وهو الحق لأنّ رأي البصرية تتعذى بنفسها وبإلى كما هنا فعطفه على المجرور إما ممتنع أو قبيح فلم يبق إلا عطفه على الجار والمجرور باعتبار المعنى لأن المقصود منهما التعجيب فهو في معنى أرأيت كالذي الخ أو على الجملة فيقدّر له متعلق وقدر أرأيت لأنّ استعماله مع الكاف أكثر وهذا التقدير وتع من الفراء وغيره من المتقذمين ووجهه ما ذكرنا وكونها غير زائدة أولى ودلالته على الكثرة بطريق الكناية لأن النادر لا مثل له فص صل ماله مثل عبارة عن الكثرة ولا عبرة بما قاله في الكشف. قوله:) وقيل: إنه من كلام إبراهيم عليه الصلاة والسلام الخ (وعلى هذا فيكون رجوعاً إلى إبطال جوابه بأن ما ذكرت ليس بإحياء لكنه ضعيف للفصل وكثرة التقدير، وقوله: وهو عزير ابتداء كلام ورجوع إلى تفسير الآية وليس من تتمة كلام إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأن عزيراً من بني إسرائيل وخراب بيت انمقدس في زمانهم. قوله:) ويؤيده نظمه مع نمروذ (حيث سيق الكلام للتعجيب من حالهما وبأن كلمة الاستبعاد في هذا المقام تشعر
بالإنكار ظاهرأ، وإنما يكون لمجرد التعجيب إذا علم أنّ المتكلم جازم بالوقوع كما في أنى يكون لي غلام وأنى يكون له ولد ومجرد الاحتمال لا ينافي الظهور وما يقال: إنه قد انتظم مع إبراهيم عليه الصلاة والسلام أيضا في سلك فقيل: إنه ليس بمستقيم وإنما ذلك لمجرّد مقارنة في الذكر إذ لم يذكر على الوجه الذي ذكر عليه إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهو معنى الانتظام في السلك نعم لو قيل: الانتظام في سلك يدل على كونه مؤمناً ليكون الإتيان توضيحاً وتمثيلا وتفصيلاً لما سبق من الإخراج من الظلمات إلى النور وبالعكس لكان شيئا وقيل: عليه إنه لو كان كذلك لكان الظاهر العطف بالواو لا بأو والقرى كالضرب مصدر قرى بمعنى جمع لاجتماع الناس فيها، والعروش جمع عرس وهو السقف أي ساقطة على سقوفها بأن سقط السقف أوّلأ ثم تهدمت الجدران عليه. قوله:) اعترافاً بالقصور الخ) التفسير الأوّل والثاني ناظران إلى تفسير الذي مز وأنى اسم استفهام الظاهر فيه ترجيح